تعد أسواق الكربون واحدة من الأدوات الفعالة التى تعتمدها الدول والشركات لمواجهة تحديات تغير المناخ من خلال ال

FirstBank فرست بنك موقع فرست بنك فيرست بنك first bank



أخضر: كيف تسهم أسواق الكربون في محاربة تغير المناخ؟

FirstBank

تُعد أسواق الكربون واحدة من الأدوات الفعّالة التى تعتمدها الدول والشركات لمواجهة تحديات تغير المناخ من خلال الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، حيث تتيح هذه الأسواق للشركات التي تمتلك فائضًا في أرصدة الكربون بيع تلك الأرصدة إلى شركات أخرى تحتاج إلى تجاوز الحدود المسموح بها للانبعاثات، مما يُحد من الانبعاثات ويشجع على تبني ممارسات أكثر إستدامة.

وتُعرف أسواق الكربون على أنها أنظمة تداول تتيح للشركات والمؤسسات شراء وبيع أرصدة انبعاثات غازات الدفيئة، بما في ذلك ثاني أكسيد الكربون، وتنقسم هذه الأسواق إلى نوعين رئيسيين.

ويشمل النوع الأول أسواق الكربون الإلزامية، وهى الأسواق التي تتطلب من المشاركين الالتزام بمعايير أو أهداف معينة للانبعاثات، مثل أشهر وأكبر سوق أوروبية "نظام تجارة الانبعاثات" في الاتحاد الأوروبي، والذى يضع حدودًا للانبعاثات، ويتم تداول التصاريح وفقًا لمتطلبات قانونية ملزمة.

أما النوع الثاني فهو أسواق الكربون الطوعية، وهى الأسواق التي تتيح للشركات أو المؤسسات أو حتى الأفراد شراء وبيع أرصدة الكربون للمساهمة في تقليل انبعاثاتهم الضارة بشكل اختياري وغير ملزم قانونيًا، وتُعتبر هذه الأسواق من الأدوات الفعّالة لمواجهة تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري.

وتُعد آلية أسواق الكربون الطوعية وسيلة فعالة لتحفيز خفض الانبعاثات وتعزيز الالتزام بالمعايير والحدود الدولية المسموح بها، إضافة إلى تشجيع الابتكار في تقنيات كفاءة الطاقة وتقليل الانبعاثات بتكاليف أقل، كما تتيح تحقيق أرباح من بيع أرصدة الكربون، ويمكن استخدامها في تمويل مشروعات مستدامة، كما أنها تعزز أيضًا قدرة الدول على الالتزام بإسهاماتها المحددة وطنيًا وفقًا لاتفاق باريس للمناخ.

ويقوم المبدأ الأساسي لعمل أسواق الكربون على أن طنًا واحدًا من الانبعاثات له التأثير نفسه على المناخ بغض النظر عن موقع الدولة المسببة، وبالتالي فإن خفض طن واحد من الكربون يُحدث الأثر نفسه على الغلاف الجوي العالمي.

ويعود تأسيس أسواق الكربون الطوعية إلى عام 1990، وهي أداة مالية بيئية تهدف إلى مواجهة تغير المناخ، حيث تمثل كل شهادة كربون ما يعادل طنًا واحدًا من ثاني أكسيد الكربون الذي تم تخفيضه أو تجنبه من القطاعات المختلفة.

وتتيح هذه الشهادات تحقيق مكاسب مادية من خلال بيع أرصدة الانبعاثات التي تم تخفيضها أو تداولها، مما يخلق فرصة اقتصادية تدعم المشروعات المستدامة وتحفز العمل المناخي.

وفي ظل تزايد أهمية أسواق الكربون كأداة رئيسية لمواجهة تغير المناخ وتحقيق الأهداف المناخية الطموحة بحلول منتصف القرن، شهد العالم تطورات ملحوظة في تعزيز هذه الأسواق وإنشاء منصات مخصصة لتداول أرصدة الكربون.

ووصلت إيرادات تسعير الكربون في عام 2023 نحو 104 مليارات دولار أمريكي، وقد تم تفعيل 75 أداة لتسعير الكربون على مستوى العالم، وذلك وفقًا لتقرير حالة واتجاهات تسعير الكربون عام 2024، الصادر عن البنك الدولي.

ومن المتوقع أن يزداد التوجه عالمي نحو زيادة المشاركة في تلك الأسواق، وهو ما نتج عنه ارتفاع القيمة العالمية لأسواق الكربون الطوعية.

وفي هذا السياق، أعلنت الهيئة العامة للرقابة المالية في أغسطس الماضي، عن إطلاق أول سوق كربون طوعي في مصر وأفريقيا، ليكون منظمًا ومراقبًا من الجهات المعنية بأسواق المال.

كما أصدرت البورصة المصرية قواعد تداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية وعقودها الآجلة، إلى جانب تدشين منصة مصرية مخصصة لتداول هذه الشهادات، مما يعكس إلتزام مصر بدعم الجهود العالمية نحو الحد من الانبعاثات الكربونية وتحقيق الاستدامة البيئية.

وأعلنت الهيئة في سبتمبر الماضي، عن تسجيل نحو 14 مشروعًا، وتنفيذ أكثر من 12 عملية تداول في السوق، وقد بلغ عدد شهادات الكربون الطوعية التي تم تداولها 4500 شهادة، في حين بلغ عدد شهادات الكربون التي تم تسجيلها بقاعدة بيانات الهيئة 18.375 شهادة.

ومن المتوقع أن يُسهم سوق الكربون الطوعي في مصر في جذب استثمارات كبيرة من الشركات المحلية والعالمية التي تسعى إلى تعويض انبعاثاتها الكربونية.

كما يُتوقع أن يشهد نمواً في الصناعات المرتبطة بإدارة الكربون، مثل مشروعات الطاقة المتجددة وإنتاج الهيدروجين منخفض الكربون ومشتقاته، بما في ذلك الأمونيا الخضراء والميثانول الأخضر.