مؤسسات عملاقة: الاحتياطي الفيدرالي.. صمام أمان الاقتصاد الأمريكي
First Bank

البنك الفيدرالي الأمريكي هو البنك المركزي للولايات المتحدة الأمريكية، وقد تأسس رسميًا في 23 ديسمبر 1913 بعد توقيع الرئيس وودرو ويلسون على قانون الاحتياطي الفيدرالي.
وجاء هذا القانون نتيجة جهود مكثفة لمعالجة الاضطرابات المالية المتكررة التي شهدتها أمريكا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.
بدأت الجهود لتأسيس «الاحتياطي الفيدرالي» بتشكيل لجنة النقد الوطنية في عام 1908، التي درست النظم المصرفية العالمية، وخاصة الأوروبية، واقترحت إنشاء بنك مركزي أمريكي.
ونتج عن هذه الدراسات صياغة قانون «الاحتياطي الفيدرالي»، الذي توازن فيه المصالح بين مؤيدي فكرة البنك المركزي القوي والمعارضين الذين خافوا من هيمنة الحكومة الفيدرالية أو القطاع الخاص على النظام المالي.
ويتميز «الاحتياطي الفيدرالي» بهيكل فريد يجمع بين المركزية واللامركزية لضمان التوازن بين السلطات.
ويتألف الفيدرالي من ثلاثة مكونات رئيسية: مجلس المحافظين، الذي يضم 7 أعضاء يُعيّنهم الرئيس الأمريكي بموافقة مجلس الشيوخ لفترات تمتد إلى 14 عامًا لضمان الاستقلالية، و12 بنكًا احتياطيًا إقليميًا تغطي مناطق اقتصادية مختلفة في الولايات المتحدة لضمان تمثيل واسع للمصالح الاقتصادية، ولجنة السوق المفتوحة الفيدرالية، التي تتولى مسؤولية تنفيذ السياسة النقدية، بما في ذلك تحديد أسعار الفائدة عبر عمليات بيع وشراء الأوراق المالية الحكومية.
وتتمحور مهام «الاحتياطي الفيدرالي» حول الحفاظ على استقرار النظام المالي من خلال دوره كـ"مقرض أخير" لتقديم السيولة للبنوك والمؤسسات المتعثرة، وتنفيذ السياسة النقدية بهدف تحقيق استقرار الأسعار (مكافحة التضخم) وتعزيز التشغيل الكامل وضمان نمو اقتصادي مستدام، والإشراف على القطاع المصرفي لضمان سلامة النظام المالي وحماية مصالح المودعين، وإدارة الخدمات المالية للحكومة مثل توزيع العملة (وليس إصدارها، حيث تُصدرها وزارة الخزانة) وتنفيذ المعاملات المالية الحكومية.
وتم تصميم «الاحتياطي الفيدرالي» ليكون مستقلًا عن التدخلات السياسية المباشرة، حيث يُموّل نفسه من عائداته ولا يعتمد على الميزانية الفيدرالية.
ومع ذلك، يخضع لرقابة الكونجرس من خلال تقارير دورية وجلسات استماع علنية، ما يضمن المرونة في اتخاذ القرارات مع توفير المحاسبة العامة.
وعلى مر تاريخه، لعب «الاحتياطي الفيدرالي» دورًا محوريًا في مواجهة الأزمات الاقتصادية، مثل الكساد الكبير (1929)، حيث انتُقد لفشله في تقديم السيولة الكافية للبنوك المتعثرة، مما أدى إلى تعزيز صلاحياته لاحقًا، والتضخم في السبعينيات، عندما تبنى سياسات صارمة في عهد بول فولكر للسيطرة على التضخم، والأزمة المالية العالمية (2008)، حيث اتخذ إجراءات غير مسبوقة شملت خفض أسعار الفائدة إلى مستويات قريبة من الصفر وتطبيق سياسات التيسير الكمي لضخ السيولة في الأسواق.
ورغم نجاح «الاحتياطي الفيدرالي» في إدارة العديد من الأزمات، إلا أنه تعرض لانتقادات تتعلق بشفافيته ومدى فعالية سياساته، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الجديدة مثل جائحة كوفيد-19 وارتفاع التضخم في السنوات الأخيرة.
ويُعتبر البنك الفيدرالي الأمريكي أحد أهم أركان الاقتصاد العالمي، نظرًا لتأثير قراراته التي تمتد إلى الاقتصاد العالمي، فعندما يُقرر رفع أو خفض الفائدة، فإن ذلك يؤثر على أسواق المال العالمية، وأسعار الصرف، وحتى أسعار السلع الأساسية مثل الذهب والنفط.
ومع ذلك، لا تتبع جميع البنوك المركزية العالمية قرارات الفيدرالي بشكل مباشر، حيث تعتمد سياساتها على الظروف الاقتصادية المحلية.