مؤسسات عملاقة: جولدمان ساكس.. قوة مالية عالمية بين النفوذ والمسؤولية
First Bank
تُعتبر جولدمان ساكس واحدة من أبرز المؤسسات المالية العالمية، حيث تتمتع بتاريخ يمتد لأكثر من قرن ونصف.
يُعود تأسيسها إلى عام 1869 على يد ماركوس جولدمان، الذي انضم إليه لاحقًا صامويل ساكس، ليُساهما معًا في توسيع أعمال الشركة وتحويلها من مؤسسة صغيرة في مجال التمويل التجاري إلى واحدة من أكبر المؤسسات الاستثمارية وأكثرها تأثيرًا في العالم.
ورغم أن جولدمان ساكس يُشار إليه أحيانًا بـ"البنك"، إلا أنه ليس بنكًا تقليديًا يقدم الخدمات المصرفية للأفراد كالإيداع وسحب الأموال، بل هو مؤسسة استثمارية تقدم خدمات تشمل الاكتتابات العامة، وإدارة عمليات الاندماج والاستحواذ، والتداول في الأسواق المالية، وإدارة الأصول.
تُعتبر جولدمان ساكس من أبرز اللاعبين في تشكيل السياسات الاقتصادية العالمية بفضل شبكة علاقاتها الواسعة مع الحكومات والبنوك المركزية والشركات الكبرى.
كما يُعرف عنها بإخراجها قادة بارزين شغلوا مناصب رفيعة في المؤسسات الدولية والحكومات، مثل روبرت روبين وهنري بولسون، اللذين شغلا منصب وزير الخزانة الأمريكي، ولويد بلانكفين الذي يُعد من الشخصيات المؤثرة في العالم المالي.
ورغم هذا التأثير الكبير، تعرضت جولدمان ساكس لانتقادات واسعة، خاصة خلال أزمة الرهن العقاري عام 2008، حيث وُجهت إليها اتهامات بالتورط في بيع منتجات مالية معقدة وعالية المخاطر دون تقديم الإفصاح الكافي للعملاء.
كما تورطت في قضايا شهيرة مثل "Abacus"، التي اتُهمت فيها بالتلاعب لصالح مستثمرين محددين على حساب آخرين، والجدير بالذكر أن هذه القضايا دفعته إلى تسوية غرامات مالية ضخمة وأثرت على سمعته لفترة طويلة.
في السنوات الأخيرة، اتجهت جولدمان ساكس نحو تطوير خدماته من خلال تبني التكنولوجيا، حيث أطلق منصة "Marcus" التي تُقدم خدمات مصرفية مباشرة للأفراد.
ويُعد هذا التحول جزءًا من استراتيجيتها لمواكبة التغيرات السريعة في قطاع الخدمات المالية، كما أعلنت عن خطط ضخمة للاستثمار في مشاريع مستدامة وصديقة للبيئة، وتعهدت بتحقيق الحياد الكربوني في عملياتها التشغيلية بحلول عام 2030، مما يعكس اهتمامها بالحوكمة البيئية والاجتماعية.
ورغم التحديات والانتقادات التي واجهتها على مر السنين، تظل جولدمان ساكس مؤسسة مالية قوية تلعب دورًا محوريًا في الاقتصاد العالمي، ومع ذلك، فإن هذا النفوذ الكبير يفرض عليها التزامات ومسؤوليات أخلاقية واجتماعية تتزايد أهميتها مع التحديات الاقتصادية والبيئية التي يشهدها العالم اليوم.