أخضر: الحروب تلقي بظلالها السلبية على المناخ
Firstbank
صراعات لا تنتهي.. هذا هو شعار المرحلة الراهنة، ففي أوروبا الشرقية تدور الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وفي الشرق الأوسط تتصاعد وتيرة العدوان الإسرائيلي الغاشم على فلسطين، علاوة على العديد من الحروب الأهلية المتأججة، وفي ظل ضبابية المشهد، تزداد المخاوف من احتمالية إندلاع حرب عالمية ثالثة.
وتُشكل هذه الحروب تحديًا معقدًا ومتشعبًا، ليس فقط على الصعيدين السياسي والإنساني، بل أيضًا من ناحية تأثيراتها على الاستدامة البيئية والتحول نحو الطاقة النظيفة، ففي ظل تزايد الوعي العالمي بأهمية مواجهة تغير المناخ، تطرح هذه النزاعات تساؤلات جوهرية حول مدى تأثير الحروب والصراعات الجيوسياسية على جهود حماية البيئة واعتماد مصادر الطاقة المتجددة، فعلاوة على الخسائر البشرية، تستهلك الحروب كميات هائلة من الموارد وغالبًا ما ينتج عنها أضرار بيئية كبيرة.
ووفقًا لصحيفة الجارديان البريطانية، كشفت الأبحاث أن التكلفة المناخية خلال العامين الأولين من حرب روسيا على أوكرانيا كانت أكبر من انبعاثات الغازات الدفيئة السنوية الناتجة بشكل فردي عن 175 دولة، مما أدى إلى تفاقم حالة الطوارئ المناخية العالمية بالإضافة إلى تزايد عدد القتلى والدمار واسع النطاق.
وولدت الحرب الروسية ما لا يقل عن 175 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وسط زيادة في الانبعاثات الناجمة عن الحرب المباشرة، وحرائق المناظر الطبيعية، وتغيير مسارات الرحلات الجوية، والهجرة القسرية، والتسريبات الناجمة عن الهجمات العسكرية على البنية التحتية للوقود الأحفوري.
كما ذكرت الصحيفة أن الكمية البالغة 175 مليون طن ثاني أكسيد الكربون وأكسيد النيتروز وسادس فلوريد الكبريت، تعتبر أقوى الغازات الدفيئة، وهذا يعادل تشغيل 90 مليون سيارة تعمل بالبنزين لمدة عام كامل، وأكثر من إجمالي الانبعاثات الناتجة بشكل فردي من قبل دول بما في ذلك هولندا وفنزويلا والكويت في عام 2022.
أما عن تأثير العدوان الإسرائيلي على فلسطين، فكشفت دراسة حديثة أن تكلفة الكربون لإعادة إعمار قطاع غزة ستكون أكبر من انبعاثات الغازات الدفيئة السنوية التى تنتجها 135 دولة بشكل فردى، مما يؤدى إلى تفاقم حالة الطوارئ المناخية العالمية علاوة على عدد غير مسبوق من القتلى.
ووفقًا لدراسة أجراها باحثون في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، فإن إعادة بناء ما يقدر بنحو 200 ألف مبنى سكني ومدارس وجامعات ومستشفيات ومساجد ومخابز ومحطات للمياه والصرف الصحي دمرتها إسرائيل في الأشهر الأربعة الأولى من الحرب على غزة سينتج عنه ما يصل إلى 60 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.
وهو ما يُعادل إجمالي الانبعاثات لعام 2022 الناتجة عن دول مثل البرتغال والسويد ، وأكثر من ضعف الانبعاثات السنوية لأفغانستان، حسبما أوردت صحيفة الجارديان البريطانية.
كما أن الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري الناتجة عن الهجمات الجوية والبرية خلال أول 120 يومًا من الحرب على غزة كانت أكبر من البصمة الكربونية السنوية لـ 26 دولة من أكثر دول العالم عرضة لآثار تغير المناخ، وبينها فانواتو وجرينلاند.
كما أن أكثر من 99% من الكمية المقدرة بـ652 ألفا و552 طنا متريا من ثاني أكسيد الكربون التي نشأت في الأشهر الأربعة الأولى بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر الماضي مرتبطة بالقصف الجوي الإسرائيلي والغزو البري لغزة.
وذكرت الصحيفة أن ما يقرب من 30% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون نجمت عن 244 طائرة شحن أمريكية معروفة بنقل القنابل والذخائر والإمدادات العسكرية الأخرى إلى إسرائيل في أول 120 يوما من الحرب.
وعلى الرغم من أن هذه التأثيرات مرعبة على المناخ، إلا أنها تفوق بكثير التقديرات التي تناولتها الدراسات السابقة، حيث تجاوزت الحرب الروسية الأوكرانية حاجز العامين ونصف، بالإضافة إلى ذلك، استمر العدوان الإسرائيلي لأكثر من 300 يوم، مما أسفر عن دمار بيئي واسع النطاق وزيادة كبيرة في الانبعاثات الضارة، وهو ما يجعل التحديات المناخية أكثر حدة مما كان متوقعًا في الأبحاث السابقة.