يتزايد الاهتمام بالاقتصاد الدائري في جميع أنحاء العالم كوسيلة لتحقيق الإستدامة البيئية والاقتصادية وذلك بفضل د

أخضر,الاقتصاد الدائري,البيئة,والمناخ,النفايات والتلوث



أخضر: الاقتصاد الدائري ودوره في حماية كوكبنا

FirstBank

يتزايد الاهتمام بالاقتصاد الدائري في جميع أنحاء العالم كوسيلة لتحقيق الإستدامة البيئية والاقتصادية، وذلك بفضل دوره الفعال في خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بما يحقق أهداف المناخ.

ويُشير مفهوم الاقتصاد الدائري إلى نموذج اقتصادي يستهدف تقليل المهدر من المواد والسلع والطاقة، والاستفادة منها قدر الإمكان، بحيث يتم خفض الاستهلاك والنفايات والانبعاثات عن طريق تبسيط العمليات وسلاسل الإمداد.

ويعمل الاقتصاد الدائري على تعظيم الاستفادة من جميع المواد الخام والمعادن والطاقة والموارد بمختلف صورها، فضلًا عن إطلاق عمليات إعادة التدوير والاستخدام وإعادة التصنيع والتطوير، عوضًا عن نمط الهدر وإلقاء النفايات.

ولا يعتبر الاقتصاد الدائري مصطلحًا حديث العهد، حيث تمتد جذوره في العالم منُذ عقود، حينما تم ابتكار مفهوم التدوير وإعادة الاستخدام، إلا أنه ظهر بشكل واضح في الدول الصناعية بعد الحرب العالمية الثانية عندما حاولت الحكومات استغلال التكنولوجيا والآلة في إعادة التصنيع.

وللاقتصاد الدائري فوائد عديدة على البيئة والمناخ، أبرزها القضاء على النفايات والتلوث، حيث يتعامل الاقتصاد الدائري مع النفايات باعتبارها عيوباً في تصميم المنتجات، إذ يجب أن تتضمن مواصفات تصميم أي منتج أن تدخل مكوناته إلى دورة الاقتصاد عند نهاية استخدامها.

ويمكن تداول العديد من المنتجات من خلال صيانتها ومشاركتها وإعادة استخدامها وإصلاحها وتجديدها وإعادة تصنيعها، وكملاذ أخير إعادة تدويرها، ويمكن للأغذية وغيرها من المواد البيولوجية التي يمكن إعادتها إلى الطبيعة أن تعمل كأسمدة لتجديد الأرض، مما يؤدي إلى زيادة إنتاج أغذية ومواد جديدة.

ومن فوائد الاقتصاد الدائري أيضًا عكس اتجاه تغير المناخ، حيث تنتج الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري وتغير المناخ بشكل أساسي من الأنشطة الصناعية والنقل وإنتاج الطاقة، كما تُشكل الزراعة وإنتاج الغذاء مصادر غنية لهذه الانبعاثات.

وتُظهر العديد من الدراسات أنه من خلال الاستخدام الفعال والدائري للمواد في أربع قطاعات صناعية رئيسية فقط (الأسمنت والصلب والبلاستيك والألمونيوم)، يمكن أن يساعد إستراتيجيات الاقتصاد الدائري في تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية بنسبة 40% بحلول عام 2050.

كما في حالة إدراج النهج الدائري ضمن النظام الغذائي، فيمكن تحقيق تخفيضات تصل إلى 49% في انبعاثات غازات الدفيئة العالمية.

ويُعد تجديد الطبيعة من فوائد الاقتصاد الدائري، حيث يركز على إعادة تجديد موارد الطبيعة بدلاً من استخراجها، من خلال ممارسات زراعية تسمح للطبيعة باستعادة بناء التربة وزيادة التنوع البيولوجي، وإعادة المكونات الحيوية إلى الأرض.

كما تبرز أهمية الاقتصاد الدائري في تقليل الحاجة إلى الأراضي اللازمة للحصول على المواد الخام البكر، وبالتالي يمكن استغلال هذه المساحات لإعادة إحياء الحياة البرية، والحفاظ على التنوع البيولوجي وإصلاح الأنظمة البيئية المتضررة.

وتُعد مصر واحدة من أوائل الدول التي لديها ممارسات للاقتصاد الدائري، حيث تم تسجيل حوالي 46 منشأة وذلك قبل عام 1960 تعمل في جمع ومعالجة وإعادة التدوير، وبعد ذلك تطورت بشكل كبير حيث وصل إجمالي العدد إلى أكثر من 5990 منشأة وذلك حتى عام 2018.

وذلك بسبب دعم مصر لأنشطة الاقتصاد الدائري بأشكال عديدة، (إلا أنه نادرًا ما يتم ذكر مصطلح الاقتصاد الدائري)، وكذلك تأكيد قيمة التنمية المستدامة التي تُشكل ركيزة أساسية لتحقيق الازدهار والرفاهية الاقتصادية.

يجدر الإشارة إلى أن مصر سنت تشريعات داعمة لمجال إدارة النفايات، وعلى رأسها القانون 202 لسنة 2020 الخاص بتنظيم المخلفات ولائحته التنفيذية الصادرة عام 2022، علاوة على توفير الإطار المؤسسى المعنى بهذه السوق، حيث تم إنشاء جهاز تنظيم إدارة المخلفات عام 2015، بهدف تنظيم كافة العمليات المتعلقة بإدارة المخلفات، بالتعاون مع الوزارات والجهات المعنية محليًا ودوليًا، بجانب تشجيع وجذب الاستثمارات فى هذا المجال.

كما تم تكليف الهيئة العربية للتصنيع بتنفيذ أول مجمع متكامل للمعالجة والتدوير والتخلص الآمن من المخلفات بمنطقة أبو جريدة بمحافظة دمياط على مساحة 93 فدانًا، وشجعت تلك المبادرات الحكومية على جذب اهتمام القطاع الخاص لهذا المجال، وظهور العديد من الشركات التى تستثمر فى مشاريع إدارة النفايات وإعادة التدوير وتحويل المخلفات إلى طاقة.

وتم أيضًا السماح لشركات الأسمنت بتأسيس مشروعات مشتركة لإنشاء مصانع لإنتاج الوقود الصلب البديل والسماد العضوى من المخلفات.

ونتيجة لذلك ارتفعت كفاءة أعمال الجمع والنقل للمخلفات إلى 70%، وزادت كمية الوقود البديل والسماد العضوى والمفروزات من كرتون وبلاستيك وورق وألومنيوم، بالإضافة إلى غلق المقالب العشوائية، مما أدى إلى تقليل الغازات الدفيئة.

كما شهد عام 2023 البدء فى تنفيذ أول مشروعات تحويل المخلفات إلى طاقة بمنطقة أبى رواش بمحافظة الجيزة بتكلفة استثمارية 120 مليون دولار، لإنتاج طاقة كهربائية 30 ميجاوات/ ساعة.