هل أدركت يوما أن كل قطعة جديدة من الملابس تشتريها قد تكلف البيئة كثيرا من استهلاك الموارد إلى كمية الملوثات ال

أخضر,التغير المناخي,مشاكل التغير المناخي,استهلاك الموارد,الصناعات



أخضر: كيف تساعد ملابسنا في تعزيز مشاكل التغير المناخي؟!

FirstBank

هل أدركت يومًا أن كل قطعة جديدة من الملابس تشتريها قد تكلف البيئة كثيرًا من استهلاك الموارد إلى كمية الملوثات التي تُطلق في الطبيعة خلال عمليات التصنيع، وأخيرًا تأثيرها السلبي عندما تُرمى في سلة المهملات؟!

فقد تبدو لك أن قطعة واحدة من الملابس غير مؤثرة بيئيًا، لكن إذا نظرنا إلى التأثير البيئي لإنتاج ما بين 80 و150 مليار قطعة ملابس سنويًا، وفقًا لمجلة فوج البريطانية، سنجد أن التأثير البيئي لهذه الصناعة ضخم.

وتضاعف إنتاج الملابس في العقد والنصف الأخيرين نتيجة عدة أسباب، منها زيادة عدد سكان الطبقة المتوسطة عالميًا، وارتفاع القوة الشرائية في البلدان النامية، وزيادة نصيب الفرد من المبيعات في الاقتصادات الناشئة، وازدياد شعبية الموضة السريعة.

وعليه؛ تسبب الإنتاج الضخم للملابس في العالم بأضرار بيئية جسيمة للكوكب والكائنات الحية، وتُعرف هذه الصناعة بأنها من بين الأكثر استنزافًا للموارد الطبيعية والأكثر تلويثًا للبيئة، بالإضافة إلى المشاكل البيئية الناتجة عن تدني معدلات إعادة تدوير الملابس المستعملة.

وتُعد صناعة الملابس هي ثاني أكثر الصناعات استهلاكًا للمياه في العالم، حيث يُستهلك حوالي 79 مليار متر مكعب سنويًا في هذه الصناعة، وهو رقم ضخم بالنظر إلى أن أكثر من 2.7 مليار شخص يواجهون مشاكل في الحصول على مياه كافية، فعلى سبيل المثال، صناعة قميص قطني واحد تتطلب 2700 لتر من الماء، وهو ما يكفي لتزويد شخص واحد بمياه شرب لمدة 900 يوم.

وتشير العديد من التقديرات إلى أن الضرر البيئي للملابس يستمر حتى بعد استخدامها، نظرًا لأنه يتم التخلص من 87% من الملابس التي يتم شراؤها وارتداؤها من قبل المستهلكين في مكبات النفايات أو عبر الحرق، وهو ما يؤدي بدوره إلى خسائر مالية وبيئية، بما في ذلك فقدان القيمة المادية للملابس، استهلاك المساحات في مكبات النفايات، وإهدار الأموال.

ويُعد الجانب الأكثر سوءًا في التخلص من الملابس، في أن الأغلبية العظمى منها لا يتم إعادة تدويرها، حيث أن من المواد المستخدمة في صناعة الملابس تتم إعادة تدوير أقل من 1% إلى ملابس جديدة، مما يؤدي إلى خسارة تزيد على 100 مليار دولار كل عام، ويعود جزء كبير من المشكلة إلى طبيعة المواد التي تصنع منها الملابس وعدم كفاية التقنيات لإعادة تدويرها.

ويُحدث إلقاء الملابس في سلات القمامة أضرارًا كبيرة على الصحة العامة والبيئة بسبب تحللها إلى مواد سامة، ويُعتبر أحد هذه المواد هو غاز الميثان، الذي يخرج عند حرق النفايات، ويعتبر أكثر قوة في تأثيره على الاحتباس الحراري من ثاني أكسيد الكربون بـ28 مرة على الأقل، مما يفاقم مشكلة الاحتباس الحراري.

كما يمكن أن تستغرق الألياف الصناعية في هذه الملابس سنوات عديدة لتتحلل في مواقع دفن النفايات، مع بقاء مادة البوليستر في المتوسط لمدة 200 عام على الأقل.

وبعد سنوات من التحلل تتسرب الأصباغ والمواد الكيميائية من الملابس إلى التربة والمياه الجوفية، مما يؤدي إلى انبعاث الغازات الدفيئة إلى الغلاف الجوي.

وتتجاوز مشاكل الملابس تحللها في مكبات النفايات وحرقها، لتشمل التلوث البلاستيكي في المحيطات، حيث أن الكثير من هذه الملابس مصنوعة من النايلون أو البوليستر، وهما مواد متينة ورخيصة تُسهم في تكوين المواد البلاستيكية الدقيقة التي تلوث البيئات البحرية بشكل كبير.

وتشكل المنسوجات حوالي 9% من الخسائر السنوية للمواد البلاستيكية الدقيقة التي تصل إلى المحيطات، مما يهدد الحياة البحرية.

بجانب تأثيراتها الأخرى، فإن الأقمشة المصنوعة يدوياً منخفضة الجودة تُنتج أليافًا بلاستيكية دقيقة عند غسلها، والتي تنتهي في السلسلة الغذائية البشرية والمياه، حيث أنه خلال كل دورة تجفيف، تطلق الملابس خيوطًا دقيقة تنتقل عبر أنظمة الصرف الصحي، وفي النهاية تنتهي في المجاري المائية.

كما يتم إطلاق نصف مليون طن من هذه الملوثات سنويًا من الملابس المغسولة، أي أكثر بـ16 مرة من المواد البلاستيكية الدقيقة من مستحضرات التجميل، وهذا يعادل التلوث البلاستيكي لأكثر من 50 مليار زجاجة، وذلك بحسب تقديرات برنامج الأمم المتحدة للبيئة.

في الختام، يمكننا جميعًا أن نلعب دورًا في تقليل الأثر البيئي لصناعة الملابس من خلال اتخاذ قرارات شراء واعية ودعم الممارسات المستدامة، فحماية كوكبنا للأجيال القادمة يتطلب منا جميعًا العمل معًا لتقليل بصمتنا الكربونية.