أخضر: هل تلعب مصر دورًا قياديًا في ملف الهيدروجين الأخضر؟
تتسابق دول العالم نحو استخدام مصادر الطاقة المتجددة على مستوى واسع لتقليل الإنبعاثات الكربونية التى تسبب تلوث المناخ، وكذلك الإحتباس الحراري، وذلك فى ضوء الاهتمام العالمي المتنامي بضرورة الحفاظ على كوكبنا، خاصة مع إشتداد حدة الكوارث الطبيعية الناتجة عن أزمة التغير المناخي، وزيادة التحديات العالمية حول ضرورة تعزيز تبني سياسات قوية للطاقة البديلة بفعل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وضرورة تخفيف الاعتماد على مصادر الوقود الأحفوري.
ويأتي الهيدروجين الأخضر على رأس اهتمامات الدول، بل وتتسابق الدول في إنتاجه، نظرًا لتمتعه بالعديد من المزايا، حيث يحتوي على ثلاثة أضعاف الطاقة الموجودة في الوقود الأحفوري، كما ينتج عن إحتراقه طاقة صفرية الكربون، وهو ما يعد حريق صديق للبيئة، وهو هدف عام لجميع الدول الساعية لتحقيق الاقتصاد الأخضر، لذلك تسعى مصر جاهدة لزيادة إنتاجها منه مع محاولات جادة لتهيئة البيئة المناسبة لإنتاجه.
وتبذل الدولة جهودًا كبيرة فى هذا الملف سواء من خلال لقاءات وعقد إتفاقيات مع المؤسسات والشركات العالمية لإنتاج الهيدروجين الأخضر.
وتضع وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة منُذ بداية عام 2022 مشروعات استخراج الهيدروجين الأخضر على رأس أولوياتها، وذلك من خلال إعداد برنامج يجعل مصر تتصدر دول العالم فى هذا المجال لما تتمتع به من مساحات شاسعة تمكنها من إنشاء محطات طاقة متجددة بقدرات تصل إلى 90 ألف ميجا وات يمكن إستغلالها فى إنتاج الهيدروجين الأخضر الذى سيصبح الوقود الرئيسي خلال السنوات القليلة المقبلة.
وفى إطار ذلك، اتخذت العديد من الخطوات الهامة، حيث تصدر الهيدروجين الأخضر مباحثات الرئيس عبد الفتاح السيسي في مارس 2023 مع ليو زيشيانج رئيس مجلس إدارة مجموعة الصين الدولية للطاقة، والوفد المرافق له من كبار المسؤولين بالمجموعة، حيث أعلنت مجموعة الصين الدولية للطاقة عزمها إقامة مشروع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر، باستثمارات تتراوح قيمتها من 5 إلى 8 مليار دولار؛ وذلك في ضوء ما تتمتع به مصر من مقومات كبيرة في هذا الصدد.
وإتجهت مصر إلى دراسة الفرص المتاحة لجذب الاستثمارات في صناعة إنتاج الهيدروجين، ودراسة الفرص المستقبلية وفتح أسواق في مختلف دول العالم، حيث سعت إلى توقيع اتفاقات وشراكات ومذكرات تفاهم أولية بهدف ضمان حصص مستقبلية لها في التداول العالمي المتوقع للهيدروجين.
ووقعت مصر في نوفمبر الماضي اتقاقيات إطارية مع شركات طاقة عالمية لإنشاء تسعة مشروعات لإنتاج الهيدروجين والأمونيا الخضراء في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بتكلفة 83 مليار دولار، لتنتج المصانع ما يقرب من 7.6 مليون طن من الأمونيا الخضراء و2.7 مليون طن من الهيدروجين سنويًا، وأبرمت الاتفاقيات مع شركات مصدر الإماراتية وحسن علام المصرية وانفينيتي باور وفورتسيكو فيوتشر الاسترالية وسكاتك النرويجية وفيرتجلوب وأوراسكوم.
كما أطلق البنك الأوروبي لإعادة الإعمار مرفق تمويل الاقتصاد الأخضر مع الاتحاد الأوروبي وصندوق المناخ الأخضر، بتمويل بلغ 175.5 مليون دولار تقرضها البنوك التجارية للقطاع الخاص للاستثمار في مشروعات المناخ في يناير الماضي.
وأعلنت هايكة هارمجرت المديرة التنفيذية لمنطقة جنوب وشرق المتوسط بالبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية منُذ أيام قليلة، أنه تم توقيع 19 مذكرة تفاهم بين شركات عالمية ومستثمرين مصريين ضمن اتفاق شراكة، وهو ما من شأنه أن ينقلهم لمرحلة التطبيق للمشروعات لتصبح واقعًا، من أجل إتاحة الهيدروجين الأخضر لكل من الاستهلاك المحلي وللتصدير عالميًا لأسمدة الأمونيا الخضراء والهيدروجين الأخضر، باستخدام العديد من أدوات التكنولوجيا المبتكرة عالمياً ومحلياً.
وفقا لإستراتجية الحكومة المصرية التى شارك في إعدادها البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، من المقرر أن يصل حجم الطلب على الهيدروجين الأخضر إلى 90 مليون طن، منها 70 مليون طن يتم توليدها من مصادر الطاقة المتجددة، و 20 مليون طن من الغازات المركبة التى تحتوي على الكربون.
ومن المتوقع أن يتضاعف اقتصاد الهيدروجين سبع مرات في 2050 وفقا للاستراتيجية، وهو ما يوفر لمصر امكانية الحصول على نسبة كبيرة من السوق الدولية وزيادة الناتج المحلي في حدود 18 مليار دولار.
وتلعب البنوك المصرية دورًا هامًا في تمويل مشروعات الهيدروجين الأخضر، حيث أصبح لدى العديد منها استراتيجية واضحة لتمويل مشروعات الهيدروجين الأخضر، فمثلًا البنك التجاري الدولي، يملك خطط طموحة للغاية في هذه المشروعات، حيث يدرس مؤخرًا عددًا من المشروعات الخاصة والعامة ذات طاقة إنتاجية مختلفة من الهيدروجين الأخضر، كما خصص أرصدة لتمويل المشروعات الخضراء بشكل عام والتى يندرج تحتها الهيدروجين الأخضر مثل برنامج السندات الخضراء والذي يبلغ 100 مليون دولار.