تواجه دول العالم تحديا كبيرا في التصدي لتغير المناخ حيث تتسابق للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة التي تهدد كوكب

الاحتباس الحراري,التغيرات المناخية,الانبعاثات الكربونية,أخضر,أسواق الكربون,بروتوكول كيوتو



أخضر: تجارة الكربون في مواجهة التغيرات المناخية

FirstBank

تواجه دول العالم تحديًا كبيرًا في التصدي لتغير المناخ، حيث تتسابق للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة التي تهدد كوكبنا، وفي هذا السياق، أصبح اهتمام العالم بأسواق الكربون متزايدًا كوسيلة فعالة لمراقبة وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

وتُعرف تجارة أسواق الكربون على أنها استخدام الأسواق لبيع وشراء الاعتمادات التى تسمح للشركات بإصدار كميات محددة من ثاني أكسيد الكربون.

ويوجد العديد من المصطلحات المهمة التي تندرج تحت هذا التعريف، مثل ضريبة الكربون، التى تشير إلى المبلغ الثابت الذي يجب على المصدرين دفعه مقابل انبعاثاتها الكربونية.

ومن ناحية أخرى، تُعرف ائتمانات الكربون على أنها أدوات قابلة للتداول تتيح للشركات والكيانات الأخرى تعويض انبعاثاتها عن طريق تمويل مشاريع تساهم في تقليل أو إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، وإذا استُخدمت الائتمانات لتقليل أو عزل أو تجنب الانبعاثات، فإنها تُعتبر تعويضًا غير قابل للتداول.

تسمح الحكومات للكيانات بإصدار كمية محددة من الكربون عبر بدلات الانبعاثات، والمعروفة باسم أرصدة الكربون، وتمنح هذه الأرصدة صاحبها الحق في انبعاث طن واحد من ثاني أكسيد الكربون، ويمكن تداولها بين الشركات التي تلتزم بتنظيمات بيئية، مما يعزز فعالية نظام الحد من الانبعاثات.

يجدر الإشارة إلى أن مفهوم مقايضة الانبعاثات الكربونية ظهر لأول مرة مع بروتوكول كيوتو، وهو معاهدة الأمم المتحدة للتخفيف من تغير المناخ التي دخلت حيز التنفيذ في عام 2005؛ حيث تمحورت الفكرة حول تحفيز كل دولة على خفض انبعاثاتها الكربونية، مقابل قيام الدول الأكبر والأكثر ثراءً بدعم جهود الدول الأكثر فقراً عن طريق شراء "أرصدتها"؛ أي حقها في انبعاثات الكربون.

وتمثل أسواق الكربون في الأساس أنظمة تجارية يتم من خلالها بيع وشراء أرصدة الكربون؛ حيث يمكن للشركات أو الأفراد استخدام أسواق الكربون للتعويض عن انبعاثات غازات الدفيئة عن طريق شراء أرصدة الكربون من الكيانات التي تقوم بإزالة أو تقليل انبعاثات هذه الغازات، والجدير بالذكر أنه لا يوجد سعر ثابت للكربون في جميع أنحاء العالم؛ حيث تتقلب الأسعار حسب الدولة وحسب ظروف العرض والطلب في السوق.

وتعتمد تجارة الكربون على لوائح الحد الأقصى والتجارة، التي سبق أن نجحت في تقليل تلوث الكبريت خلال التسعينيات من القرن الماضي؛ حيث وضعت بدورها حوافز قائمة على السوق للحد من التلوث؛ فبدلاً من فرض تدابير محددة، فإن هذه السياسة تكافئ الشركات التي تخفض انبعاثاتها، وتفرض تكاليف مالية على الشركات التي لا تتمكن من فعل ذلك.

ويوجد نوعان من أسواق الكربون؛ هما: أسواق الامتثال، والأسواق الطوعية؛ فبينما يتم إنشاء أسواق الامتثال استجابةً لأي سياسة أو متطلبات تنظيمية؛ وطنية أو إقليمية أو دولية، فإن أسواق الكربون الطوعية – وطنية ودولية – تعني إصدار وشراء وبيع أرصدة الكربون، على أساس طوعي؛ فمن ناحية، يأتي المعروض من أرصدة الكربون الطوعية في الغالب من كيانات خاصة تعمل على تطوير مشاريع الكربون، أو من قِبل الحكومات التي تطور برامج معتمدة بمعايير الكربون، وتهدف بدورها إلى خفض الانبعاثات أو إزالتها.

ومن جهة أخرى، يأتى الطلب غالباً من جانب الأفراد الذين يريدون التعويض عن آثارهم الكربونية، والشركات التي تسعى إلى تحقيق أهداف الاستدامة، والجهات الفاعلة الأخرى التي تهدف إلى تداول ائتمانات الكربون بسعر أعلى لتحقيق الربح. وعليه، يمكن بيع حقوق انبعاثات الكربون في أسواق مختلفة؛ بعضها دولي، وبعضها على مستوى الدولة، وبعضها على المستوى المحلي.

وخلال السنوات الأخيرة، برزت اتجاهات عالمية داعمة لتجارة الكربون، حيث تُظهر توقعات الصناعة أن الطلب على أرصدة الكربون لأغراض التعويض سينمو نمواً كبيراً خلال السنوات المقبلة؛ وذلك في ضوء ما أشار إليه تقرير البنك الدولي عن تسعير الكربون لعام 2023.

حيث ارتفعت الإيرادات الناتجة من ضرائب الكربون وخدمات تبادل الانبعاثات بنسبة تجاوزت 10% في عام 2022، لتصل إلى ما يقارب 95 مليار دولار عالميًا.

وفقًا لتحليل أجرته الرابطة الدولية لتجارة الانبعاثات وجامعة ميريلاند، فإن تنفيذ المساهمات المحددة وطنيًا أو خطط العمل الوطنية للمناخ بشكل تعاوني عبر تجارة الكربون الدولية، بدلاً من النهج الفردي، يمكن أن يوفر للحكومات أكثر من 300 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2030.

كما تشير بعض التقديرات إلى أن الاعتماد على أسواق الكربون يمكن أن يخفض التكلفة الإجمالية لتنفيذ المساهمات المحددة وطنيًا - وهي المساهمات التي تتمثل في التعهدات المناخية، وخطط العمل التي تطورها الدول للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية- بأكثر من النصف، بما يعادل حوالي 250 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2030، أو بدلاً من ذلك، يمكن أن يسهم في إزالة المزيد من الانبعاثات بنسبة 50% بحلول نفس العام دون أي تكلفة إضافية.