أخضر: كيف تؤثر التغيرات المناخية على صحة الإنسان.. وما الحلول للحد منها؟
مصطفى سيد
يشكّل تغيّر المناخ تهديداً أساسياً لصحة الإنسان، ويؤثّر على البيئة المادية وعلى جميع جوانب النظم الطبيعية والبشرية بما في ذلك الظروف الاجتماعية والاقتصادية، كما يُعد أحد الأسباب الرئيسية في حدوث حالات الطوارئ الإنسانية الناجمة عن موجات الحر وحرائق الغابات والفيضانات والعواصف الاستوائية.
وتؤثر تلك الظواهر الجوية، على الصحة بشكل مباشر وغير مباشر، ممّا يزيد من خطر الوفيات، والأمراض غير السارية، وظهور الأمراض المعدية وانتشارها، وحدوث حالات الطوارئ الصحية، فضلاً عن تأثيره على القوى العاملة والبنية التحتية في مجال الصحة.
وتظهِر الأبحاث أن حوالي 3.6 مليار شخص يعيشون في مناطق شديدة التعرض لتغير المناخ، وفي الفترة من عام 2030 إلى عام 2050، يُتوقع أن يسبّب تغير المناخ نحو 000 250 حالة وفاة إضافية كل عام بسبب نقص التغذية والملاريا والإجهاد الحراري.
وتتأثّر جميع جوانب الصحة بتغيّر المناخ، من نقاء الهواء والماء والتربة إلى النُظم الغذائية وسُبل العيش، وسيؤدي التأخير في مواجهة التغيرات المناخية إلى زيادة المخاطر الصحية، وهذا ما أكده تقرير التقييم السادس الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، حيث أشار إلى أن المخاطر المناخية تظهر بوتيرة أسرع وستصبح أكثر حدة في وقت أقرب مما كان متوقعاً في السابق، وسيكون من الصعب التكيّف مع زيادة الاحترار العالمي.
وأوضح التقرير أنّ 3.6 مليار شخص يعيشون بالفعل في مناطق شديدة التعرض لتغير المناخ، وعلى الرغم من أن البلدان النامية تساهم بقدر ضئيل جداً في الانبعاثات العالمية، إلا أنها تتحمل أقسى الآثار الصحية، أما في المناطق المعرضة للخطر، كان معدل الوفيات الناجمة عن الظواهر الجوية المتطرفة في العقد الماضي أعلى 15 مرة من المناطق الأقل تعرضاً للخطر.
ويؤثر تغير المناخ على الصحة بطرق عديدة، أبرزها التسبب في الوفاة وانتشار الأمراض نتيجة الظواهر الجوية المتطرفة، مثل موجات الحر والعواصف والفيضانات، وزيادة الأمراض الحيوانية المنشأ والأمراض المنقولة بالأغذية والمياه والنواقل.
يظل من الصعب تقدير حجم وتأثير العديد من المخاطر الصحية المتأثرة بالمناخ بشكل دقيق، وبالرغم من ذلك فأوجه التقدم العلمي تتيح لنا تدريجياً تحديد زيادة في معدلات الاعتلال والوفيات الناتجة عن الاحترار العالمي، وتحديد المخاطر التي تنطوي عليها هذه التهديدات الصحية.
وتشير بيانات منظمة الصحة العالمية أن حوالي 2 مليار شخص يفتقرون إلى مياه الشرب المأمونة وأن 600 مليون شخص يعانون من الأمراض المنقولة بالغذاء سنوياً، وتبلغ نسبة الأطفال دون سن الخامسة الذين يموتون بالأمراض المنقولة بالأغذية نحو 30%.
وتزيد التغيّرات في درجات الحرارة وهطول الأمطار من انتشار الأمراض المنقولة وبدون اتخاذ تدابير وقائية، وقد ترتفع الوفيات الناجمة عن هذه الأمراض، التى تتجاوز حالياً 000 700 حالة سنوياً بالإضافة إلى مشاكل فورية في الصحة العقلية، مثل القلق واضطرابات طويلة الأجل.
كما تهدّد أزمة المناخ بمحو التقدم الذى أُحرز على مدى الأعوام الخمسين الأخيرة في مجالات التنمية والصحة العالمية والحد من الفقر، وتسعى منظمة الصحة لمواجهة تلك التحديات عن طريق بعض الأهداف، أبرزها، دعم الانتقال السريع إلى اقتصاد الطاقة النظيفة؛ وضمان أن الصحة تشغل مكاناً محورياً في الحد من آثار تغير المناخ؛ وبناء نظم صحية أفضل وأكثر قدرة على الصمود في وجه تغيّر المناخ ومستدامة بيئياً.
ويأتي ذلك عن طريق ضمان الخدمات الأساسية والاستدامة البيئية والقدرة على الصمود ودعم النظم الصحية لتوفير حلول أرخص وأنظف، بالتوازي مع إزالة الكربون من النظم الصحية عالية الانبعاثات.
تقييم أوجه الضعف الصحية ووضع الخطط الصحية؛ وتنفيذ نظم ترصد استجابة تغير المناخ فيما يخص المخاطر الرئيسية، مثل الحرارة الشديدة والأمراض المعدية؛ ودعم القدرة على الصمود والتكيف في القطاعات المحددة للصحة، مثل المياه والغذاء؛ وسد الفجوة التمويلية للتكيف الصحي.
وفى الأخير، تسعى المنظمة إلى إدراج تغير المناخ في الأولويات الصحية، مثل التغطية الصحية الشاملة واستهداف الحياد الكربوني بحلول عام 2030.