مر قرابة العام ونصف العام على إندلاع الحرب الروسية الأوكرانية التى تزداد ضراوة تداعياتها يوما بعد يوم على العا

أوكرانيا,الحرب الروسية الأوكرانية,روسيا,أخضر



أخضر: الحرب الروسية الأوكرانية تعمق أزمة تغير المناخ

FirstBank

مر قرابة العام ونصف العام على إندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، التى تزداد ضراوة تداعياتها يومًا بعد يوم، على العالم أمنيًا وسياسيًا واقتصاديًا، إلا أن الخطر الأكبر الذى لم يتداركه الكثيرون بعد، هو انعكاسات تلك الحرب الكارثية على أزمة التغير المناخي، التى زادتها حدة وتفاقمًا.

ويكمن أخطر هذه الإنعكاسات وفق خبراء البيئة، في أزمة الطاقة العالمية، التى ولدها الغزو الروسي، وما نتج عنه من إبطاء في وتيرة التحول نحو الطاقة النظيفة والعودة مجددًا لاستخدام مصادر طاقة تقليدية مضرة بالبيئة، وهو الأمر الحادث الآن في أوروبا، حيث عادت العديد من بلدانها في ظل شح الغاز وارتفاع أسعاره الحاد، لتوليد الطاقة عن طريق الفحم.

وتشير التقديرات إلى أن عجز الطاقة في أوروبا يبلغ حاليًا نحو 40 مليار متر مكعب من الغاز الروسي، وهي فجوة في العرض مع عدم وجود بدائل متاحة بسهولة في السوق العالمية.

ومن المقرر أن يتفاقم الوضع سوءًا، حيث يلقي موسم الشتاء الوشيك 2023-2024 بظلال قاتمة على القارة العجوز وسط توقعات بأزمة طاقة جديدة في أوروبا، ما يعكس تحديًا إضافيًا تفرضه الحرب المستمرة في أوكرانيا، وموقف روسيا الحازم منها، ما يزيد من استنزاف مخزونات الطاقة واشتداد الضغوط التضخمية بالقارة.

وعلى صعيد التأثيرات الأخرى للحرب على التغير المناخي، فبالرغم من الجهود الكبيرة التى تُبذل الآن للتحول نحو الاقتصاد الأخضر، خاصة في ظل تفاقم الأوضاع وعدم توقف الحرب إلى الآن، فمن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تسريع الانتقال للطاقة النظيفة على المديين المتوسط والطويل، في حالة استمرار النفط فوق مستوى 150 دولاراً للبرميل على المدى الطويل، وعلى الرغم من أن هذا قد يبدو مؤشرًا إيجابيًا، إلا أنه عكس ذلك في حقيقة الأمر، حيث من الممكن أن يقودنا نحو تحول أخضر غير منظم، وهذا بمنزلة مؤشر خطر على الاقتصاد العالمي.

أما عن التأثير الآخر الأقل شهرة للأزمة الأوكرانية هو التهديد بمزيد من إزالة الغابات في منطقة الأمازون؛ حيث قام الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو، بتوظيف الحرب الأوكرانية كحجة لمزيد من استخراج البوتاسيوم من منطقة الأمازون، وتقليل الاعتماد على واردات روسيا في هذا الإطار، وهو ما دعم تسريع إزالة الغابات، سواء بشكل قانوني أو غير قانوني.

وقد أدى هذا النمط إلى تحذير العديد من الخبراء من نقطة تحول قادمة؛ حيث ستتحول أجزاء كبيرة من الغابات المطيرة إلى سافانا جافة؛ ما يؤدي إلى تغيير أنماط الطقس وإطلاق مليارات الأطنان من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.

كما يمكن للحرب الروسية الأوكرانية أن تؤدي لتصاعد مخاطر التدمير البيئي، حيث أنه في اليوم الأول من الغزوالروسي، تم الإبلاغ عن إشعاع جاما في منطقة تشيرنوبيل بما يقرب من 28 ضعف الحد السنوي، في وقت تدير فيه أوكرانيا خمسة عشر مفاعلاً نووياً في أربعة أماكن مختلفة.

ومن المحتمل – حتى لو تعرض أحد المفاعلات للتلف – أن نرى كارثة تشيرنوبيل الثانية؛ حيث يمكن للحطام والإشعاع المنطلق في أي هجوم أن ينتشر آلاف الكيلومترات، ويمكن أن يؤدي إلى العديد من المشاكل الصحية للمواطنين؛ ليس فقط في أوكرانيا، ولكن أيضاً في البلدان القريبة منها.

وعلى الرغم من تلك التأثيرات الكارثية التى أوضحنا جزءًا بسيطًا منها، إلا أن الواقع أسوأ بكثير، وتداعيات الحرب مازالت تزداد يومًا بعد يومًا مع استمرارها إلى الآن، ومع عدم وجود أية دلائل لتوقفها، الأمر الذى يقودنا نحو ضرورة تضافر الجهود الدولية بشكل أكثر جدية لوقفها.