أخضر: من السياسات إلى الممارسات.. كيف نحقق استدامة فعّالة في عالم اليوم؟
First Bank

تتزايد أعداد السكان والتوسع العمراني والاقتصادي بمرور الوقت، ولذلك أصبح الحفاظ على النظم البيئية واستخدام الموارد الطبيعية بشكل مستدام أمرًا بالغ الأهمية لضمان مستقبل بيئي واقتصادي مستدام.
ولتحقيق هذا الهدف، لا بد من تبني استراتيجيات متعددة تشمل الاستدامة في استخدام الموارد، والابتكار التكنولوجي، والتوجيه الحكومي، وتعزيز الوعي البيئي، إذ تُشكل هذه العوامل مجتمعة الركن الأساسي للحفاظ على توازن البيئة وتحقيق التنمية المستدامة.
ويتطلب تحقيق الاستدامة تحولًا في كيفية استخدام الموارد الطبيعية من خلال إدارة فعالة ومسؤولة، فمن خلال تعزيز الاستدامة يمكن تقليل التلوث، والحفاظ على التنوع البيولوجي، وتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة.
ويُعد تقليل استهلاك الموارد غير المتجددة إحدى الاستراتيجيات الرئيسية لتحقيق الاستدامة، وذلك مثل الوقود الأحفوري، والانتقال إلى مصادر طاقة متجددة ونظيفة مثل الشمس والرياح، كما يمكن تعزيز الاستدامة من خلال تشجيع ممارسات الزراعة المستدامة، مثل الزراعة العضوية التي تحافظ على خصوبة التربة وتقلل من استخدام المبيدات الكيميائية.
وعلى صعيد آخر، تلعب التكنولوجيا دورًا محوريًا في تحقيق الاستدامة، فهي توفر حلولًا مبتكرة لزيادة كفاءة استخدام الموارد، وتقليل التأثيرات السلبية على البيئة، ويتيح الابتكار التكنولوجي تطوير تقنيات نظيفة ومستدامة تسهم في استخدام الموارد بشكل أكثر كفاءة.
ومن أبرز تقنيات استخدام التكنولوجيا النظيفة، هي الطاقة المتجددة التي تقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري، مثل الألواح الشمسية التي تحول ضوء الشمس إلى طاقة كهربائية، وتوربينات الرياح التي تنتج الطاقة من الرياح.
كما أن الابتكار في الزراعة المستدامة يعد أيضًا من الجوانب المهمة، حيث أن استخدام تقنيات الزراعة الدقيقة مثل الأنظمة الذكية للري واستخدام الطائرات بدون طيار لمراقبة المحاصيل، يساعد على تقليل استهلاك المياه والأسمدة ويعزز من إنتاجية الأراضي الزراعية دون التأثير سلبًا على البيئة.
وعلى صعيد التوجه الحكومي، تلعب الحكومات دورًا رئيسيًا في تنظيم استدامة استخدام الموارد، وذلك من خلال وضع السياسات والتشريعات البيئية المناسبة، إذ يجب أن تتبنى الحكومات سياسات تحفز التنمية المستدامة وتضمن حماية الموارد الطبيعية من التدهور.
وتتضمن السياسات الحكومية الفعّالة العديد من الإجراءات مثل فرض قوانين لحماية البيئة، مثل قوانين تنظيم استخدام الأراضي، وتحديد معايير جودة الهواء والماء، وحماية الغابات والأنظمة البيئية، بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تقوم الحكومات بتقديم حوافز ضريبية للشركات التي تستثمر في تقنيات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة.
كما يجب أن تعزز الحكومات التعاون الدولي في مجال حماية البيئة، فالتحديات البيئية مثل التغير المناخي وفقدان التنوع البيولوجي لا تعرف حدودًا جغرافية، وتتطلب استجابة منسقة بين الدول لمواجهتها.
أما عن الوعي البيئي فهو العنصر الأساسي في تحقيق الاستدامة، إذ يُحفز الأفراد والمجتمعات على تبني سلوكيات أكثر استدامة في حياتهم اليومية، فعندما يصبح الوعي البيئي جزءًا من ثقافة المجتمع، يصبح من الأسهل تنفيذ السياسات البيئية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ويعد التعليم البيئي أحد الوسائل الفعالة لزيادة الوعي حول أهمية الحفاظ على الموارد الطبيعية، ويجب أن يبدأ من المراحل المبكرة في المدارس ويستمر في مختلف مراحل الحياة، ليتعلم الأفراد كيف تؤثر أفعالهم على البيئة وكيفية تبني ممارسات تحمي الطبيعة.
كما يمكن للوسائل الإعلامية أن تلعب دورًا مهمًا في نشر رسائل البيئة من خلال الحملات الإعلامية والمحتوى التوعوي حول قضايا البيئة، عبر تشجيع الأفراد على تبني سلوكيات أكثر استدامة مثل تقليل استخدام البلاستيك، إعادة التدوير، استخدام وسائل النقل العامة، والاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة في المنازل، إذ يساعد ذلك في تقليل التأثيرات البيئية السلبية.