أخضر: يهدد المجتمعات الواقعة على ساحله.. البحر المتوسط يكشف عن وجهه الآخر
ياسمين السيد
أصبح مصطلح التغير المناخي يتردد بشكل متزايد في الآونة الأخيرة، خاصة مع الارتفاع الملحوظ في معدلات الاحترار في مناطق عدة حول العالم، وفي هذا السياق، لا يمكن تجاهل البحر الأبيض المتوسط، حيث تشير تحذيرات العلماء والخبراء إلى أن سرعة احترار حوض المتوسط قد تؤدي إلى ارتفاع مستوى مياهه، مما يشكل تهديدًا مباشرًا لمستقبل الدول والمجتمعات الواقعة على ساحله.
فمع تزايد الأدلة العلمية على التغير المناخي، أصبح من الواضح أن منطقة البحر الأبيض المتوسط ليست بمنأى عن التأثيرات السلبية لهذه الظاهرة، إلى جانب المخاطر البيئية والاقتصادية والاجتماعية التي تترتب على ارتفاع مستوى مياه البحر، وتبرز أيضًا مخاطر جديدة على الملاحة البحرية والإبحار في هذه المنطقة الحيوية.
وهو ما بتنا نلمسه من تكرار حدوث غرق عنيفة في مياهه، والتى كان أبرزها خلال الأسبوع الماضي، غرق 6 أشخاص منهم رجل الأعمال البريطاني مايك لينش، فيما نجا خمسة عشر شخصًا في قارب نجاة وتم إنقاذهم بواسطة مركب شراعي قريب، بعد أن ضربت عاصفة عنيفة السفينة «بايزيان» الشراعية التي يبلغ طولها 56 متراً، الاثنين الماضي، مما أدى إلى غرقها في غضون دقائق.
ويرجع ذلك إلى ارتفاع درجات الحرارة في البحر الأبيض المتوسط، حيث تُؤثر بشكل مباشر على أنماط الطقس والمناخ في المنطقة، مما يؤدي إلى زيادة تواتر وشدة العواصف البحرية والأمواج العاتية، وهذه التغيرات تجعل من الإبحار في البحر المتوسط أكثر خطورة، حيث يمكن أن تواجه السفن الصغيرة والمتوسطة الحجم ظروفًا بحرية صعبة وغير متوقعة.
بالإضافة إلى ذلك، تؤدي التغيرات المناخية إلى اضطرابات في التيارات البحرية والرياح السائدة، مما يعقد عمليات الملاحة ويزيد من احتمالات وقوع الحوادث البحرية، ومع ارتفاع مستوى البحر، قد تتغير أيضًا الخرائط البحرية والمسارات المعتادة، مما يتطلب تحديثات مستمرة لبيانات الملاحة لضمان سلامة السفن والطواقم.
وتشير العديد من التقارير المتعلقة بالبيئة إلى أن ارتفاع مستوى سطح البحر قد يؤدي إلى تآكل العديد من الموانئ والبنية التحتية الساحلية، مما يقلل من كفاءتها ويزيد من تكاليف الصيانة والتشغيل.
كما أن التغيرات في درجات حرارة الماء قد تؤثر على توزيع الحياة البحرية، بما في ذلك الأسماك والشعاب المرجانية، مما قد يغير من مناطق الصيد التقليدية ويؤثر على المجتمعات التي تعتمد على الصيد كمصدر رئيسي للدخل ومع استمرار أزمة التغير المناخي، فمن المتوقع أن تزداد خطورة الملاحة في البحر الأبيض المتوسط، مما يتطلب من الدول المطلة عليه اتخاذ إجراءات عاجلة لتحسين أنظمة الإنذار المبكر وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مجال السلامة البحرية.
كما يجب على الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط أن تتبني استراتيجيات متكاملة للتكيف مع التغيرات المناخية وتعزيز سلامة الإبحار، تشمل هذه الاستراتيجيات تحديث البنية التحتية للموانئ، وتطوير أنظمة ملاحة أكثر دقة وتكنولوجيا متقدمة لرصد الأحوال الجوية والبحرية، إضافة إلى تدريب الطواقم البحرية على التعامل مع الظروف المتغيرة.
ويجب عليها أيضًا تعزيز التعاون بين دول حوض البحر المتوسط لتبادل المعلومات والخبرات في مجال إدارة المخاطر البحرية وضمان سلامة الملاحة، فضلاً عن تنفيذ مشاريع مشتركة لحماية السواحل والموانئ من آثار ارتفاع مستوى البحر.