أخضر: التداعيات الاقتصادية لعملية تحول الطاقة في مصر
ياسمين السيد
جهود دؤوبة بذلتها مصر على مدار السنوات الماضية، في تحول الطاقة، خاصة فيما يتعلق بمشروعات الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، في ضوء تبني الحكومة منهجيـة الاقتصاد الأخضر لتحقيــق التنميــة المستدامة في إطــار رؤيــة مـصـر 2030، وهو ما يطرح تسؤالًا عن التداعيات الاقتصادية التى يخلفها هذا التحول؟! وهل تأثيره إيجابي؟! أم سلبي؟!
وأجابت عن هذا التساؤل الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «إيرينا»، حيث كشفت في تقرير حديث لها جاء تحت عنوان «التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لعملية تحول الطاقة في مصر»، أن عملية تحول الطاقة تتطلب ضخ استثمارات هائلة في قطاع الطاقة المتجددة مما يؤدي إلى زيادة الطلب والإنتاج عبر القطاعات الاقتصادية، مثل البناء والتصنيع، وهو ما له تأثير إيجابي على الناتج المحلي الإجمالي.
وذكر التقرير أن التحول بعيدًا عن الوقود الأحفوري نحو مصادر الطاقة المتجددة سيساهم في خفض فاتورة واردات الطاقة، ومن المتوقع أن يؤدي انخفاض واردات الوقود إلى تحسين الميزان التجاري بنحو 1.3 تريليون دولار عالميا خلال الفترة 2021-2050.
وأشارت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة في تقريرها، إلى أنه من الممكن أن يساهم تحول الطاقة في مساعدة مصر على تحقيق مستهدفاتها المتعلقة بخفض معدل البطالة إلى 5% بحلول عام 2030، وذلك من خلال خلق المزيد من فرص العمل في قطاع الطاقة المتجددة تتراوح بين حوالي مليون وظيفة إلى 1.5 مليون وظيفة، حيث ستعوض تلك الزيادة فقدان الوظائف في قطاع الوقود الأحفوري.
وذكر التقرير أنه من المتوقع في عام 2050، أن يظل حوالي 10.9% من إجمالي الوظائف في قطاع الطاقة بقطاع الوقود الأحفوري، وهو ما يمثل انخفاضًا كبيرًا عن النسبة الحالية البالغة 62.7%.
وأضافت «إيرينا» في تقريرها أن عملية تحول الطاقة ستؤثر على تحسين رفاهية الإنسان بسبب زيادة إمكانية الوصول إلى الكهرباء، وتحسين الصحة العامة من خلال مواجهة تلوث الهواء وإدارة النفايات بشكل أفضل.
وأوضح التقرير، أن مصر تمتلك فرصًا واعدة في مجال الطاقة، مشيرًا إلى أنه من خلال تولي مصر رئاسة مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ «كوب 27» عام 2022، أتيحت لها الفرصة للعب دور رائد في سياسات وإجراءات المناخ العالمي، بفضل أتاخذها خطوات مهمة على صعيد هذا الملف، وتطورت سياستها المناخية من مجرد الالتزام بالالتزامات الدولية إلى تطوير استراتيجية طويلة الأجل لتصبح رائدة إقليمية في معالجة تغير المناخ.
وذكر أن مصر إلتزمت بشكل كبير بخفض الانبعاثات من خلال تقديم أول مساهماتها المحددة وطنيًا في يونيو 2022، التى تتضمن أهدافًا كمية لخفض الانبعاثات، لتشمل خفض 33% من انبعاثات قطاع الكهرباء، و65% من الانبعاثات الصادرة عن صناعة النفط والغاز الطبيعي، و7% من قطاع النقل بحلول عام 2030، مع تحديد مبلغ قدره 50 مليار دولار للتكيف مع التغيرات المناخية.
كما نفذت مصر بالفعل إصلاحات ناجحة في قطاع الكهرباء، بما في ذلك الإلغاء التدريجي لدعم الطاقة، وتحسين محطات توليد الكهرباء وكفاءة الطاقة، وزيادة نسبة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة.
وخلال الفترة الممتدة من 2010 حتى 2021، ارتفعت حصة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة المصري، حيث شهدت قدرة الطاقة الشمسية معدل نمو سنوي مركب قدره 53.4%، مقابل معدل نمو لطاقة الرياح يبلغ 10.4%، ليصل إجمالي القدرة المركبة في مصر من مصادر الطاقة المتجددة إلى حوالي 6322 ميجاوات لعام 2022، من بينها 2832 ميجاوات من الطاقة الكهرومائية، و1643 ميجاوات من طاقة الرياح، و1704 ميجاوات من الطاقة الشمسية الكهروضوئية، و20 ميجاوات من الطاقة الشمسية المركزة، و123 ميجاوات من الطاقة الحيوية.
والجدير بالذكر أن القطاع الخاص يستثمر في الوقت الحالي، نحو 4.4 مليار دولار في مشروعات الطاقة المتجددة في مصر، وتشمل هذه المشاريع مزيجاً من مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية، وذلك وفقًا لبيانات رسمية حديثة.
ويبلغ إجمالي الاستثمارات بالقطاع حالياً نحو 85 مليار دولار، ومن المستهدف أن تنتج مصر سنويا كميات من الهيدروجين الأخضر تصل إلى 1.5 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030 من خلال الاعتماد على 19 ألف ميجاوات من الطاقة المولدة من مشروعات الطاقة الشمسية والرياح.
كما تخطط مصر لإنتاج نحو 5.8 مليون طن من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2040، اعتماداً على ما يقرب من 72 ألف ميجاوات من الطاقات المتجددة، وسيكون متاح للتصدير منها نحو 3.8 مليون طن، وهو ما يمثل 5% من سوق إنتاج الهيدروجين الأخضر عالمياً.