قطوف: أحمد عبود باشا أحد أعمدة الاقتصاد المصري في القرن العشرين
ياسمين السيد
أحمد عبود باشا اقتصادي مصري بارز ورجل أعمال مخضرم، سطع اسمه خلال عشرينات وثلاثينات القرن الماضي، كأحد رجال الاقتصاد العصاميين.
ولد «عبود باشا» في القاهرة عام 1889، وبعد إتمامه الدراسة في مدرسة فاروق الأول سافر إلى اسكتلندا حيث درس الهندسة في جامعة جلاسكو.
بدأ العمل في القطاع الهندسي فور تخرجه، وإثبت مدى كفاءته، حيث نجح في كافة الأعمال التى أوكلت إليه، وكان أبرزها مهمته الفعالة في إنشاء سكة حديد العراق وسوريا وفلسطين؛ وذلك عقب انتهاء الحرب العالمية الأولي، مما جعل الدولة العثمانية تمنحه رتبة البكوية من الفئة الممتازة.
قام «عبود باشا» بتركيز أعماله في مصر، وذلك بقيامه بشراء غالبية أسهم شركة البواخر الخديوية التى كان يمتلكها حينها الإنجليز، وكانت من أهم شركات الملاحة في مصر، ومنها بدأ المصريين تعلم كيفية أنشأء السفن، وقد نجح في إنشاء أسطول سفن للنقل من مصر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وافتتح أول خط ملاحي في تاريخ البحرية المصرية بباخرتين من أفخم وأكبر البواخر وهما الخديوي إسماعيل ومحمد علي، الأمر الذى بمقتضاه منحه الملك فؤاد رتبة الباشوية عام 1930.
وبفضل جهوده الدؤوبة وعمله الجاد، أصبح «عبود باشا» المصري الوحيد الذى عين في مجلس إدارة قناة السويس.
واستمر طموح أحمد عبود باشا الجامح، حيث لم تقتصر رحلته على صناعة السفت فقط، بل امتدت إلى إنشائه أكبر مصانع السكر والصناعات الكيميائية بصعيد مصر في أرمنت، وأنشأ بها أكبر مصنع للسكر في العالم العربي والشرق الأوسط ، وأسس بها قصره المعروف لأهالى أرمنت بـ «سراي عبود»، كما شيد أنشأ أكبر مسجد في أرمنت.
كما استحوذ «عبود باشا» علي غالبية أسهم شركة الفنادق المصرية، وأسهم شركات الأسمدة في عتاقة، وأنشأ شركة خطوط البريد الفرعونية التى تعد أول شركة بريد قطاع خاص، وبرع أيضًا في تجارة القطن، وتصدير القطن إلى كافة البلاد.
وأمتلك أحمد عبود باشا سلطة قوية، حيث أجبر بمشاركة فرغلي باشا الملقب بملك القطن؛ طلعت حرب باشا مؤسس بنك مصر علي الاستقالة من رئاسة البنك لخلافهما معه، وذلك في عام 1939، حيث قاما يوميًا بسحب ودائعهما من البنك، بمعدل نصف مليون جنيه يوميًا لمدة ستة أيام، مما جعل طلعت حرب باشا يقدم استقالته من رئاسة البنك، خوفًا من إفلاس البنك، وفي عام 1950 أصبح أحمد عبود باشا عضوًا بمجلس إدارة بنك مصر؛ لكونه حائزًا علي أكبر أسهم بالبنك.
ولم يُهمل «عبود باشا» العمل العام، حيث تم تزكيته رئيسًا للنادي الأهلي عدة دورات، من عام 1946 حتي عام 1961، وهى الفترة الذهبية للنادي الأهلي، حيث فاز الأهلي بالدوري العام تسعة مرات، كما قام بإنشاء حمام السباحة علي نفقته الخاصة، وتكفل بسداد كل مكافئات الفرق الرياضية من ماله الخاص، دون أخذ أية إعانات من الدولة.
وشيد أحمد عبود باشا أشهر مباني القاهرة بشارع شريف، وهي عمارة الإيموبيليا عام 1939 من 13 طابقاً.
وأقيل «عبود باشا» بعد عام من زيارة جمال عبد الناصر للنادي الأهلي في عام 1961 بسبب قوانين يوليو الاشتراكية التى صدرت في 1961.
ورحل عن عالمنا عام 1963 ببريطانيا، تاركًا خلفه إنجازات عريقة، وسيرة طيبة مازالت ممتدة حتى بعد مرور عقود عدة على وفاته.