أخضر: مع مرور 3 أيام على إنعقاد «COP28».. ما هى أبرز الإنجازات التى حققها حتى الآن؟
ياسمين السيد
إنطلقت الخميس الماضي فعاليات المؤتمر الـ28 للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28» بدولة الإمارات، التى من المقرر أن تستمر حتى الثاني عشر من الشهر الجاري، وذلك في ظل عام إستثنائي تفاقمت فيه أزمة المناخ وتسارعت حدتها وتأثيراتها السلبية في جميع مناحي الحياة.
ويلقي «COP28» رواجًا كبيرًا، فبحسب وكالة الأنباء الإماراتية، سجل المؤتمر عددًا قياسيًا لطلبات الحضور في المنطقتين الزرقاء والخضراء تصل إلى 500 ألف مشارك بواقع أكثر من 97 ألف مشارك في المنطقة الزرقاء و400 ألف في المنطقة الخضراء بمن فيهم وزراء وممثلون من المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص والشعوب الأصلية والشباب للإسهام في إعادة صياغة العمل المناخي العالمي، فيما يحضر الحدث أكثر من 180 من رؤساء الدول والحكومات من حول العالم.
ويركز «COP28» على تنفيذ اتفاقية باريس لتغير المناخ وزيادة الطموح والعمل، كما يهدف المؤتمر إلى تحديد حلول عالمية للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية، وإعداد الدول لتقديم مساهمات وطنية محددة وطموحة بحلول عام 2025، وتسريع الانتقال الأخضر.
وتركز المناقشات في «COP28» على عدة مواضيع، بما في ذلك تفاصيل منشأة تمويل الخسائر والأضرار لمساعدة المجتمعات الضعيفة، وتحقيق الهدف العالمي بشأن التمويل لدعم جهود الدول النامية في مواجهة تغير المناخ، وتسريع الانتقال الطاقي والعادل، وسد الفجوة الكبيرة في الانبعاثات، كما سيشهد المؤتمر ختام التقييم العالمي الأول.
وعلى الرغم من أن المؤتمر مازال في أيامه الأولى، إلا أنه تمكن من تحقيق إنجازات ملموسة حقيقية، حيث تم الإعلان في يومه الأول، عن القرار التاريخي بتفعيل إنشاء صندوق «الخسائر والأضرار» المناخية لدعم الدول الأكثر تضررًا من تغيّر المناخ، في خطوة تاريخية نحو تخفيف التوترات المتعلقة بالتمويل بين دول الشمال والجنوب.
وأتت تلك الخطوة بعد مفاوضات ومناقشات واسعة أجريت على مدار العام الماضي، وبعد أن أقر مؤتمر الأطراف السابق في مصر «COP27» العام الماضي الاتفاق من حيث المبدأ على تأسيس الصندوق.
كما أعلنت العديد من الدول عن حجم مساهمتها في صندوق كوارث المناخ، ابتداءً من دولة الإمارات العربية، التى كشفت على لسان وزير الخارجية، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، الخميس، عن المساهمة بمبلغ 100 مليون دولار في ترتيبات صندوق الكوارث المناخية.
في حين، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، عن المساهمة بمبلغ 17.5 مليون دولار في الصندوق، فيما أفصحت بريطانيا عن مساهمتها بحوالي 76 مليون دولار (60 مليون جنيه استرليني تحديداً)، بالإضافة إلى اليابان التى كشفت عن مشاركتها بـ 10 ملايين دولار، ومساهمات من ألمانيا بقيمة 100 مليون دولار، وكندا 16 مليون دولار لمعالجة آثار أزمة المناخ من خلال الخسائر والأضرار.
كما أعلن الرئيس الإماراتي محمد بن زايد، في فعاليات اليوم الثاني من المؤتمر، عن إنشاء صندوق بقيمة 30 مليار دولار للحلول المناخية على مستوى العالم.
ويعتبر صندوق «ألتيرا» الاستثماري، الذى أعلن عنه رئيس دولة الإمارات، الأكبر من نوعه، ويهدف إلى سد فجوة التمويل المناخي وتيسير الحصول عليه بتكلفة مناسبة، كما يهدف إلى تحفيز جمع واستثمار 250 مليار دولار بحلول عام 2030، حتى يصبح أكبر صندوق استثماري خاص يركز على حلول مواجهة تغير المناخ على مستوى العالم.
وتعهدت الإمارات بتقديم 200 مليون دولار لصندوق النقد الدولي للقدرة على الصمود والاستدامة، وهذا التمويل الميسر، الذى يتضمن أسعار فائدة منخفضة، له تأثير هائل على بناء القدرة على الصمود في وجه تغير المناخ في البلدان والمجتمعات الأكثر ضعفًا.
كما إطلقت رئاسة «COP28» والسعودية، خلال فعاليات اليوم الثالث من المؤتمر، «ميثاق خفض انبعاثات قطاع النفط والغاز»، وهو ميثاق عالمي يهدف إلى تسريع وتوسيع نطاق العمل المناخي في القطاعات الصناعية.
وقام بالتوقيع على الميثاق حتى مساء أمس نحو 50 شركة تمثل أكثر من 40% من إنتاج النفط العالمي، وتشكل شركات النفط الوطنية أكثر من 60% منها، وهو أكبر عدد من شركات النفط الوطنية يلتزم بمبادرة لخفض الانبعاثات.
وإتفقت الشركات المنضمة للميثاق على الاستمرار في اتباع أفضل الممارسات العالمية المتبعة في القطاع لخفض الانبعاثات، واتخاذ عدد من الإجراءات الرئيسية التى تشمل الاستثمار في منظومة الطاقة المستقبلية بما في ذلك مصادر الطاقة المتجددة والوقود منخفض الكربون.
كما اتفقت أيضًا على تعزيز التعاون وإتباع مبادئ الشفافية والمتابعة والرصد والتحقق بشكل مستقل من انبعاثات غازات الدفيئة، وتقييم التقدم المحرز لخفض الانبعاثات، واعتماد أفضل الممارسات العالمية لتسريع عملية خفض انبعاثات العمليات التشغيلية وصولاً إلى خفض انبعاثات جميع شركات القطاع بحلول عام 2030، وضمان أمن الطاقة وتوفيرها بأسعار ميسرة لدعم تنمية الاقتصادات في أنحاء العالم.
ويعد الميثاق مبادرة رئيسية منبثقة عن «المسرع العالمي لخفض الانبعاثات»، الذى تم إطلاقه خلال القمة العالمية للعمل المناخي أمس، ويركز على 3 محاور رئيسية، هى تسريع بناء منظومة الطاقة المستقبلية وتوسيع نطاق الاعتماد عليها، وخفض انبعاثات منظومة الطاقة الحالية بشكل متزامن، ودعم جهود التخفيف بشكل عاجل من خلال خفض انبعاثات غاز الميثان والغازات الدفيئة غير ثاني أكسيد الكربون.
كما وقعت 123 دولة، أمس السبت، على إعلان «COP28» بشأن المناخ والصحة، والذى يستهدف تسريع العمل المناخي بهدف حماية صحة البشر من التداعيات المتزايدة لتغير المناخ، والجدير بالذكر، أن هذا الإعلان صدر قبل يومًا واحدًا من إنطلاق يوم الصحة ضمن فعاليات المؤتمر.
ويتضمن إقرار الحكومات لأول مرة بضرورة حماية المجتمعات وإنشاء منظومات صحية للتصدي للتداعيات الصحية لتغير المناخ مثل ارتفاع درجات الحرارة وتلوث الهواء وتفشي الأمراض المعدية.
ولقي الإعلان دعماً من العديد من الدول الرائدة في هذا المجال، أبرزها البرازيل ومالاوي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وهولندا وكينيا وفيجي والهند ومصر وسيراليون وألمانيا.
ويدعم الإعلان الجهود المشتركة لمواجهة التحديات المتعلقة بوقوع 9 ملايين حالة وفاة سنوياً في العالم نتيجة لتلوث الهواء، وتعرض أكثر من 189 مليون فرد لأحداث ناتجة عن ظواهر الجو القاسية.
كما يغطي الإعلان مجموعة من مجالات العمل المناخي والصحي، منها إنشاء منظومات صحية مرنة مناخياً ومستدامة ومنصفة، وتعزيز سُبل التعاون بين القطاعات لخفض الانبعاثات وتحقيق أقصى استفادة من العمل المناخي لتحسين الصحة، وزيادة التمويل للحلول المناخية والصحية، حيث إلتزم الموقعون على الإعلان بإدراج المستهدفات الصحية ضمن خططهم الوطنية للمناخ، وتحسين سُبل التعاون الدولي لمعالجة المخاطر الصحية لتغير المناخ في مؤتمرات الأطراف القادمة.
وتوصلت رئاسة المؤتمر بالتعاون مع كل من الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا (الصندوق العامي)، وصندوق المناخ الأخضر، ومؤسسة روكفلر، ومنظمة الصحة العالمية إلى عشر مبادئ بشأن تعزيز تمويل العمل المناخي والصحي، وجمع تعهدات تمويل جديدة وإضافية، وتعزيز الابتكار من خلال المشاريع القادرة على إحداث تغيير جذري وتطبيق طرق العمل الجديدة التي تشمل قطاعات متعددة.
ونالت تعليمات «COP28» الإرشادية لتمويل الحلول المناخية والصحية تأييد أكثر من 40 شريكاً تمويلياً ومنظمة مجتمع مدني، وهو ما يعكس زيادة التعاون بين المموليين، بالإضافة إلى تزايد الدعم المستدام لحلول تحديات المناخ والصحة.
كما رحب الإعلان بالتعهدات المالية الصادرة من عدد من الجهات المعنية، من بينها حكومات وبنوك تنموية ومؤسسات متعددة الأطراف وجمعيات خيرية ومنظمات غير حكومية، بتوسيع استثماراتها في حلول المناخ والصحة، حيث قدمت هذه الجهات التزاماً جماعياً بتخصيص 3.7 مليار درهم (مليار دولار) لمعالجة الاحتياجات المتزايدة للجانب الصحي من أزمة المناخ، وأبرز هذه التعهدات المالية الجديدة، تمويل بقيمة 1.1 مليار درهم (300 مليون دولار) من الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا، و370 مليون درهم (100 مليون دولار) من مؤسسة روكفلر لتوسيع نطاق الحلول المناخية والصحية.