«المركزي المصري» يتحرك على عدة جبهات لمنع تسرب الدولار من مصر
يتحرك البنك المركزي المصري على عدة جبهات لوقف تسرب الدولار من داخل البلاد إلى خارجها إلا في الاحتياجات الأساسية وفي أضيق الظروف وسط أزمة سيولة دولارية عاتية تعاني منها مصر، وفق ما نشرته بلومبرج.
ويُعد من أهم الجبهات التي تحرك من خلالها "المركزي" الأسبوع الماضي هو إصدار تعليمات للبنوك العاملة في مصر بوقف تفعيل بطاقات الائتمان للمصريين عند الشراء بالدولار من متاجر أو شركات تعمل داخل مصر، لكنها تبيع السلع أو تحصل الاشتراكات بالدولار وليس بعملة البلد، وهو ما يُعد مخالفة لقانون البنك المركزي.
وكان البنك اكتشف خلال الفترة الأخيرة قيام بعض الشركات وتجار مصريين بمخالفة قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي من خلال بيع منتجات للجمهور عبر الإنترنت بالعملات الأجنبية سواء دولار أو يورو أو خلافه وليس بالجنيه المصري باستخدام بطاقات الدفع الصادرة من البنوك، وتحول المبالغ لهم من داخل مصر لحسابات مصرفية خاصة بهم تمّ تأسيسها خارج مصر.
وتسببت أزمة شحّ العملة الصعبة التي تعاني منها مصر بظهور 4 أسعار متابينة لسعر صرف الدولار مقابل الجنيه، تتمثل بالسعر الرسمي في البنوك، والسوق السوداء، وسوق الذهب، وشهادات الإيداع (GDR) التابعة لبنك "CIB" في بورصة لندن، ما يصعّب أعمال الشركات والتجار وحياة المواطنين على حدٍّ سواء، وسط ظروف اقتصادية غير مسبوقة تعيشها البلاد.
هذا الواقع أدّى إلى اتساع الفجوة في سعر الدولار مقابل الجنيه في السوقين الرسمية والموازية إلى أكثر من 60%.
ويبلغ سعر الجنيه المصري الرسمي في البنوك 30.9 جنيه مقابل الدولار منذ أشهر عدة، وهو أقل بكثير من سعره في السوق السوداء المحلية حيث وصل إلى 50 جنيهاً للدولار الواحد في الأيام الأخيرة.
والضغوط السابقة تشير جميعها إلى أن هناك خفضاً جديداً لقيمة الجنيه، وهو ما تترقبه الأسواق في وقت تتشدد فيه مؤسسات التمويل الدولية في مطالبة السلطات بتطبيق أسعار صرف مرنة.
وقالت تصريحات التي نشرتها بلومبرج "المركزي تفاجأ بتعامل شركات مصرية ببيع منتجاتها إلى المواطن المصري بالنقد الأجنبي وهو ما يأتي مخالفاً للقانون، وقد وجه "المركزي" تعليمات للبنوك بتتبع هذه التعاملات ووقف أنظمة الدفع الإلكتروني على الشركات المخالفة، وإبلاغه بأسماء تلك الشركات".
ومن جانبه، قال محمد عبد العال، الخبير المصرفي، إن هدف "المركزي" من وقف استخدام بطاقات الائتمان لشراء منتجات أو دفع اشتراكات داخل مصر بالدولار هو سد أي ثغرات للسداد بالدفع بالدولار بما يؤدي إلى استهلاك شرائح دولارية لا مبرر لها في وقت نعاني منه من قصور شديد من النقد الأجنبي.
ويجرم قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي تعامل أي شركات مصرية أو تعمل على الأرض المصرية بعملات أجنبية غير الجنيه المصري دون الحصول على تصريح مسبق صادر من مجلس إدارته أو في حالات خاصة.
ومن الجبهات الأخرى التي لجأ لها المركزي هو توجيهه للبنوك العاملة في البلاد بخفض حدود استخدام "بطاقات الائتمان" في المعاملات بالعملة الأجنبية إلى 250 دولاراً شهرياً للعملاء داخل مصر؛ نهاية أكتوبر الماضي مع السماح لها بالاستخدام خارج مصر عند السفر، بجانب وقف استخدام بطاقات الخصم للعملاء بالخارج.
وبلغ إجمالي عدد بطاقات الائتمان الصادرة عن البنوك العاملة في مصر 5.4 مليون بطاقة حتى يونيو الماضي؛ فيما بلغ عدد بطاقات الخصم 24.4 مليون بطاقة، وهناك 30.3 مليون بطاقة مسبقة الدفع، بحسب بيانات منشورة على الموقع الإلكتروني للبنك المركزي المصري.
ويبلغ عدد البنوك العاملة في مصر 38 بنكاً، منها 9 بنوك حكومية، ويُعد البنك الأهلي المصري وبنك مصر وبنك القاهرة، من أكبرها.
وانخفض صافي الاحتياطي الأجنبي لدى مصر -التي يبلغ حجم اقتصادها 470 مليار دولار- في العام الماضي إلى أدنى مستوى له منذ 2017، قبل أن يستقر عند 35.1 مليار دولار في أكتوبر؛ لكنه ما يزال أقل بأكثر من الخُمس من أعلى مستوى له في 2020.
وطالب البنك المركزي المصري، نهاية الأسبوع الماضي البنوك العاملة في مصر بمنح الأولوية لاستيراد الأدوية في ظل نقص المعروض منها بسبب شحّ العملة الصعبة، بحسب 3 مصادر مصرفية تحدثت مع "بلومبرج" طالبة عدم نشر أسمائها.
وأفرجت مصر عن بضائع بقيمة 63 مليار دولار منذ بداية العام الجاري وحتى الآن، بينما يتبقى في الموانئ بضائع تبلغ قيمتها 5 مليارات دولار، بحسب الشحات غتوري رئيس مصلحة الجمارك المصرية لـ "بلومبرج" يوم الأحد.