FirstBank فرست بنك موقع فرست بنك فيرست بنك first bank



أخضر: سنغافورة والاقتصاد الأخضر.. من دولة ناشئة محدودة الموارد إلى قوة خضراء عالمية

FirstBank

تُعتبر سنغافورة واحدة من أبرز النماذج العالمية في مجال التحول نحو الاقتصاد الأخضر والاستدامة البيئية، رغم كونها دولة صغيرة المساحة ومحدودة الموارد الطبيعية، فقد استطاعت أن توظف الابتكار والتخطيط طويل الأمد لتحقق إنجازات بيئية واقتصادية متقدمة جعلتها مثالًا يُحتذى به عالميًا.

اعتمدت سنغافورة في رؤيتها على الدمج بين التطور التكنولوجي والحفاظ على البيئة، وذلك من خلال خطة وطنية طموحة تُعرف باسم "Singapore Green Plan 2030" تهدف هذه الخطة إلى تحويل سنغافورة إلى "مدينة في الطبيعة"، مع التركيز على الحد من الانبعاثات الكربونية، وزيادة استخدام مصادر الطاقة المتجددة، وتطوير نظم النقل المستدامة، وتعزيز الوعي البيئي لدى السكان.

في مجال الطاقة، ركزت سنغافورة على الاستفادة من الطاقة الشمسية بشكل كبير، حيث انتشرت الألواح الشمسية على أسطح المباني وحتى فوق المياه، كما طورت تقنيات لتخزين الطاقة الذكية لضمان كفاءة الاستخدام.

أما في قطاع النقل، فقد بدأت الدولة باستبدال وسائل النقل التقليدية بمركبات كهربائية، إلى جانب تطوير شبكة مترو وباصات صديقة للبيئة، وإنشاء محطات شحن في مختلف أنحاء المدينة.

وتعد من أبرز نقاط التميز في سنغافورة هو مشروع "NEWater"، الذي يُعد من أكثر مشاريع إدارة المياه استدامة في العالم، حيث يتم تنقية مياه الصرف الصحي وإعادة تدويرها لتُستخدم في الشرب والصناعة، إلى جانب ذلك، طورت الدولة نظمًا ذكية لتحلية المياه وترشيد الاستهلاك عبر حملات توعوية شاملة.

أما فيما يخص المساحات الخضراء، فقد نجحت سنغافورة في إدماج الطبيعة داخل نسيج المدينة الحضري، من خلال إنشاء حدائق عمودية على ناطحات السحاب، ومشاريع مشهورة مثل Gardens by the Bay، بالإضافة إلى التشجير المكثف في الأحياء والمناطق العامة.

في إدارة النفايات، تُعد سنغافورة من الدول الرائدة أيضًا، حيث اعتمدت سياسات متقدمة لإعادة التدوير، وتوفير تطبيقات تسهل عملية فرز النفايات للمواطنين، مع تقديم حوافز للمشاركة المجتمعية في هذه العملية.

وعلى الصعيد الاقتصادي، دعمت سنغافورة الابتكار الأخضر من خلال تمويل الشركات الناشئة في مجالات الطاقة والزراعة الذكية، وتوفير فرص عمل خضراء للشباب، مما ساعد في بناء اقتصاد متطور ومستدام في آنٍ واحد.

وقد انعكست هذه الجهود في تصدّر سنغافورة لمؤشرات الاستدامة البيئية على مستوى آسيا، وتحقيقها نتائج ملموسة في تقليل الانبعاثات وتحسين جودة الحياة.

وتُظهر تجربة سنغافورة أن التحول إلى اقتصاد أخضر ليس مجرد خيار، بل ضرورة مستقبلية يمكن تحقيقها بالتخطيط والابتكار والمشاركة المجتمعية الفعالة، حيث أثبتت هذه الدولة الصغيرة أن الاستدامة لا تحتاج إلى موارد ضخمة بقدر ما تحتاج إلى رؤية ذكية وشعب متعاون.