مصر تدرس التجارة بالمقايضة مع روسيا وتركيا ودول أفريقية
تدرس مصر تنفيذ عمليات التبادل التجاري مع روسيا وتركيا وبعض الدول الأفريقية بنظام "المقايضة"، وذلك في محاولة منها لتقليل الضغط على العملة الأجنبية، بحسب ما ذكره 3 أشخاص بينهم مسؤولان حكوميان لبلومبرج.
والمقايضة التجارية، هي عملية تبادل بين طرفين، يقدم أحدهما للآخر سلعة أو خدمة أو أصلاً غير النقود، مقابل سلعة أو خدمة أو أصل غير النقود.
وعزا أحد الأشخاص الذين تحدثوا إلى طالبين عدم ذكر أسمائهم، اتجاه مصر إلى نظام المقايضة، لأنها تبحث منذ فترة عن "بدائل للعملة الصعبة التي تعاني شحاً فيها، وذلك سواء بنظام المقايضة أو عبر إجراء عمليات التبادل التجاري بالعملة المحلية مع الدول الأخرى".
وتعاني مصر من نقص شديد في السيولة الدولارية منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها، ما أدى إلى خفض قيمة الجنيه 3 مرات منذ مارس 2022 وحتى يناير من العام الجاري.
ومع مواجهة عدد من الدول حول العالم نقصاً في العملة الأميركية، سُئلت كينيا التي تُعتبر أكبر دولة مصدرة للشاي الأسود في العالم الأسبوع الماضي، عمّا إذا كان يمكنها مقايضة الشاي بمنتجات مصرية، وفقاً لما قاله وزير الخزانة الكيني نجوغونا ندونغو لـ"بلومبرغ".
لكن مسؤولاً حكومياً مصرياً قال لبلومبرج إن المقايضة في الوقت الحالي تجري بين تجار فقط، لافتاً إلى أن تصريحات الجانب الكيني المنقولة على لسان السفير المصري، فسّرت خطأ على أنها اتفاق بين الدولتين بينما الصحيح هو أن عمليات المقايضة تجري فيما بين تجار من البلدين.
وذكر المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه أن "آلية التبادل التجاري عن طريق "المقايضة" لم تحدث على المستوى الحكومي الرسمي حتى الآن مع أي دولة، غير أن دراسات تجري حالياً لتطبيقها وتنفيذها مع روسيا وتركيا والهند وبعض الدول الأفريقية". وأضاف: "الآلية محل دراسة من البنك المركزي المصري، إذ إننا لا نستطيع التنفيذ من دون موافقة البنك المركزي، لأنه هو الذي يعطي التعليمات وتصريح التعامل".
وأضاف المسؤول أن "البنك المركزي (المصري) سيكون الضامن لعمليات المقايضة للطرفين؛ الحكومة والقطاع الخاص، كما أنه سيكون الجهة المنظمة لعمليات التبادل التجاري بالمقايضة".
وتتراوح قيمة المبادلات التجارية بين مصر وروسيا بين 5 و6 مليارات دولار سنوياً، حيث تصدّر مصر إلى روسيا الفواكه والخضراوات والنباتات والبذور والصابون والألبان والآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية والزيوت العطرية، فيما تستورد منها الحبوب والخشب والحديد والصلب والوقود المعدني والزيوت المعدنية والكتب والصحف والنحاس والمنتجات الكيماوية.
وتتراوح قيمة التجارة ما بين مصر والهند بين 5 و6 مليارات دولار سنوياً أيضاً، حيث تصدّر مصر إلى الهند الوقود والزيوت المعدنية والأسمدة والمنتجات الكيماوية والقطن والفواكه، فيما تستورد منها اللحوم والحديد والصلب والوقود والزيوت والمنتجات الكيماوية العضوية، والآلات والأجهزة الكهربائية.
ورجّح شريف الجبلي، رئيس لجنة الشئون الأفريقية في اتحاد الصناعات المصرية في حديث لبلومبرج تصدير الأسمدة مقابل استيراد الشاي الكيني إذا ما دخل نظام المقايضة حيز التنفيذ الرسمي وانتهت الحكومة والبنك المركزي من الدراسات الجارية.
وتستهلك مصر نحو 85 ألف طن من الشاي كل عام وتستوردها كلها من الخارج، بحسب مسؤول في وزارة الزراعة المصرية تحدث إلى "الشرق".
وتُعد مصر ثاني أكبر مشترٍ للشاي من كينيا بعد باكستان. وقد انخفضت الصادرات الكينية إلى السوقين في الأشهر الثمانية الأولى من 2023 بنسبة 23% و13% على التوالي، وفقاً لبيانات مجلس الشاي الكيني.
ويُذكر أن هذه ليست المحاولة الأولى التي تبحث فيها مصر عن بدائل للتبادل التجاري بعيداً عن الدولار، إذ توصلت القاهرة مع تركيا إلى آلية تطبيق التبادل التجاري بين البلدين بالعملات المحلية، وذلك تزامناً مع انضمامها في أغسطس 2023 إلى مجموعة "بريكس"، وهو ما سيساعدها على تنفيذ عمليات التبادل التجاري بالعملة المحلية مع الدول الأعضاء الأخرى، السعودية والإمارات والأرجنتين وإيران وإثيوبيا وروسيا والبرازيل والهند والصين وجنوب أفريقيا.
وتتراوح قيمة المبادلات التجارية بين مصر وتركيا سنويا بين 6 و8 مليارات دولار سنوياً، حيث تصدّر مصر إلى تركيا الوقود والزيوت المعدنية واللدائن والأقمشة والخيوط والمنتجات الكيماوية والأسمدة والآلات والأجهزة الكهربائية، بينما تستورد منها الملابس والحديد والصلب والأجهزة الكهربائية والزيوت والمنتجات الكيماوية والسيارات والجرارات.
والهند بدورها تبحث منذ منتصف 2023 اقتراحاً لبدء اتفاق مقايضة سلع مثل الأسمدة والغاز مع مصر، في إطار اتفاق أشمل ربما يشهد تمديد نيودلهي خط ائتمان إلى القاهرة بقيمة مليارات الدولارات، بحسب "رويترز".
قال مسؤول حكومي مصري آخر تحدث إلى بلومبرج، إن "وزارة التجارة والصناعة المصرية تعكف حالياً على دراسة التبادل التجاري عن طريق المقايضة أو الصفقات المتكافئة، لكنه لم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن".