قاموس «First».. ما هو الاقتصاد الاستهلاكي وما أثره على حياة الفرد؟
مصطفى سيد
لم تكن فكرة الاستهلاك مستحدثة بل تُعد من قديم الأزل، لكنها مرّت بأهم مرحلتين، الأولى قبل الثورة الصناعية والأخرى بعدها، وكانت درجات الاستهلاك متفاوتة في تلك المرحلتين حيث أن المرحلة الأولى كان الفرد يسعى لسد حاجته الأساسية.
أما بالنسبة للمرحلة الأخرى فكانت بعد الثورة الصناعية، والتى نتج عنها تحولات كبيرة وتغيرات قد حَرّفت مفهوم الاستهلاك الطبيعي حتى أصبح الغالبية يرغبون في سد رغباتهم ولم يكتفو باحتياجتهم الرئيسية ولم يكترثون بتبعات استهلاكهم المفرط.
إن الاقتصاد الاستهلاكي هو اقتصاد غيرُ إنتاجيّ، يؤثر على حياة الفرد والمجتمع، من خلال استخدام الموارد الطبيعية بشكل مفرط فى احتياجات ليست ضرورية، مما ينتج عنه عواقب لا يحمد عقباها ووقوع الأخرون فى مصيدة الاستهلاك نتيجة انجرافهم وراء رغباتهم.
كان أحد أهم العوامل لتنامى الاقتصاد الاستهلاكي، هو الطفرة التى أحدثتها ثورة التكنولوجيا ورغبة الأفراد بتحقيق مبدأ الذات فى عالم قد يسوده الحكم على الأخرين بما يملكونه من أشياء مادية واقتنائهم أشياء ثمينة.
وقد يسأل البعض ما علاقة الاستهلاك والاقتصاد؟ والحقيقة أنه لا يمكننا فصل الاقتصاد عن الاستهلاك لما يمثله من عملية أساسية داخل البنية الاقتصادية وخاصة مع ارتباط الاقتصاد الاستهلاكي بالنظام الرأسمالي الذى يحث على تعظيم الأرباح، الذى هو في حقيقة الأمر وراء كارثة حقيقية.
أما على صعيد الأليات، التى جعلت الاقتصاد الاستهلاكي يظهر وبقوة، هو خلق الحاجة والتطلع لكل ما هو جديد فى عالم التسوق، وظهور العديد من طرق التمويل المتاحة للجميع من قروض وبطاقات ائتمان حتى أصبح الكثير يستهلك بطريقة غير عقلانية وبدون وعي مادي.
ولكل فعل رد فعل ويمكننا أن نشاهد فاتورة الاقتصاد الاستهلاكي، التى يعود أثرها على الأفراد نتيجة الإفراط في استهلاكهم من أبرزها: زيادة مستوى التلوث والانبعاثات الكربونية نتيجة قطع الأشجار الجائر وغيرها من الأشياء، والتأثير المباشر على الاستقرار الاجتماعي، فضلاً عن استنزاف الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.
والحل البديل قد يكمن في الإدخار، وزيادة الوعي بخطورة الأقدام على الاستهلاك المفرط والانسياق وراء رغباتنا؛ بالإضافة إلى تغير نمط معيشتنا واستخدام ما نحتاجه لا ما نرغب به، واتباع مبدأ الوسطية في الشراء.