قاموس «First»..«الركود التضخمي» التحدي الاقتصادي الأصعب أمام صانعي السياسات
First Bank

يُعد الركود التضخمي أحد أكثر التحديات الاقتصادية تعقيدًا، حيث يجمع بين معدلات تضخم مرتفعة وتباطؤ في النمو الاقتصادي وارتفاع في معدلات البطالة، وهذا المزيج غير المعتاد يجعل من الصعب على صانعي السياسات تحقيق التوازن بين دعم النمو الاقتصادي وكبح جماح التضخم، مما يزيد من تعقيد الحلول المتاحة.
وينشأ الركود التضخمي عادةً نتيجة عوامل متعددة، أبرزها الصدمات في جانب العرض، مثل ارتفاع أسعار السلع الأساسية، خاصة النفط والطاقة، والتي تؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج وارتفاع الأسعار دون تحفيز النشاط الاقتصادي.
كما يمكن أن يكون الركود التضخمي نتيجة لسياسات نقدية ومالية غير متوازنة، مثل التوسع النقدي المفرط الذي يزيد من السيولة في الأسواق دون أن يقابله نمو في الإنتاج، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار دون تحسن في مستويات التشغيل أو الإنتاجية.
وعادةً ما تكون تأثيرات الركود التضخمي على الاقتصاد عميقة، حيث يؤدي ارتفاع الأسعار إلى تآكل القوة الشرائية للمستهلكين، مما يقلل من الطلب على السلع والخدمات، ويزيد من الضغوط على الشركات التي تعاني من انخفاض الأرباح وارتفاع التكاليف، ومع تراجع النمو، تتأثر بيئة الأعمال سلبًا، مما يدفع الشركات إلى تقليص الاستثمارات وخفض معدلات التوظيف، ما يزيد من البطالة ويفاقم التباطؤ الاقتصادي.
أما على صعيد السياسات، فإن معالجة الركود التضخمي تمثل تحديًا كبيرًا، حيث إن الأدوات التقليدية مثل رفع أسعار الفائدة لكبح التضخم قد تؤدي إلى مزيد من التباطؤ الاقتصادي، بينما يمكن أن تؤدي السياسات التحفيزية إلى زيادة الضغوط التضخمية.
ولذلك، غالبًا ما تتطلب المعالجة مزيجًا من السياسات المالية والنقدية التي تستهدف تحسين الإنتاجية، ودعم الاستثمارات، وإصلاح الاختلالات الهيكلية في الأسواق لضمان استقرار الأسعار وتعزيز النمو الاقتصادي.
وتُعد الأزمة الاقتصادية العالمية في السبعينات من أبرز الأمثلة على الركود التضخمي، حيث تعرض الاقتصاد العالمي لزيادة مفاجئة في أسعار النفط، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج والأسعار وانخفضت مستويات الإنتاج وزادت معدلات البطالة في نفس الوقت، مما أدى إلى تداخل الركود مع التضخم.
وفي الختام، يبقى الركود التضخمي اختبارًا صعبًا للاقتصادات، ويتطلب استجابات مرنة ومتوازنة لتجنب استمرار تأثيراته السلبية على المدى الطويل، حيث إن الفشل في التعامل معه قد يؤدي إلى أزمات أعمق تعرقل مسيرة النمو لسنوات.