قاموس «First».. هل يعد الركود الاقتصادي أزمة مؤقتة أم بداية لتغيرات هيكلية؟
First Bank

يُعد الركود الاقتصادي من أبرز الظواهر الاقتصادية التي تؤثر على مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية، حيث يتميز بانخفاض معدلات النمو الاقتصادي، وتراجع الإنتاج، وزيادة معدلات البطالة.
ويحدث الركود عندما يشهد الاقتصاد انكماشًا ملحوظًا في النشاط الاقتصادي لفترة ممتدة، مما يؤدي إلى انخفاض في الطلب الكلي وتراجع ثقة المستثمرين والمستهلكين، ورغم أن الركود يُعد ظاهرة طبيعية ضمن الدورة الاقتصادية، إلا أن آثاره السلبية تستدعي تدخلاً حكوميًا وسياسات اقتصادية فعالة للحد من تداعياته.
وتتعدد أسباب الركود الاقتصادي وتختلف من دولة لأخرى وفقًا للظروف الاقتصادية والسياسية التي تمر بها، ومن أبرز أسباب الركود، انخفاض الطلب الكلي نتيجة تراجع القوة الشرائية للمستهلكين، حيث يؤدي ذلك إلى انخفاض الإنفاق، مما يؤثر سلبًا على الإنتاج والتوظيف.
كما تلعب الأزمات المالية دورًا بارزًا في حدوث الركود، حيث يؤدي انهيار الأسواق المالية إلى فقدان المستثمرين للثقة، مما يدفعهم إلى تقليل استثماراتهم، وهو ما يؤدي إلى تفاقم الأزمة.
علاوة على ذلك، قد يكون الركود نتيجة لتشديد السياسات النقدية، مثل رفع أسعار الفائدة بشكل مفرط، مما يقلل من قدرة الشركات والأفراد على الاقتراض والاستثمار.
كما أن الأزمات الجيوسياسية، مثل الحروب والتوترات الدولية، تؤدي إلى اضطراب الأسواق وارتفاع تكاليف الإنتاج، مما يؤثر سلبًا على النشاط الاقتصادي، ولا يمكن إغفال تأثير الجوائح والكوارث الطبيعية، حيث تؤدي إلى تعطيل سلاسل التوريد وتراجع الإنتاج والاستهلاك، مما يسهم في تفاقم الركود.
وتؤثر فترات الركود الاقتصادي بشكل مباشر على سوق العمل، حيث تلجأ العديد من الشركات إلى تقليص حجم العمالة لمواجهة تراجع الإيرادات، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة وانتشار حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي، كما يتسبب الركود في تراجع الاستثمارات، حيث يحجم المستثمرون عن ضخ رؤوس أموال جديدة نتيجة غموض التوقعات الاقتصادية.
ومن ناحية أخرى، يؤدي الركود إلى انخفاض إيرادات الحكومات بسبب تراجع الإيرادات الضريبية، مما يضعها أمام تحديات كبيرة في تمويل الخدمات العامة ودفع الديون السيادية، كما تتأثر الأسواق المالية بشدة، حيث تتراجع أسعار الأسهم نتيجة تدهور الأداء الاقتصادي، مما يؤدي إلى فقدان المدخرين والمستثمرين جزءًا كبيرًا من ثرواتهم.
وعلى الصعيد الاجتماعي، يؤدي الركود إلى تفاقم معدلات الفقر وعدم المساواة، حيث تتراجع فرص العمل ويزداد الضغط على الخدمات الاجتماعية. كما قد يؤثر على الصحة النفسية للأفراد نتيجة الضغوط الاقتصادية والخوف من المستقبل.
وتلجأ الحكومات إلى تطبيق سياسات مالية ونقدية تحفيزية للتخفيف من آثار الركود، مثل خفض أسعار الفائدة لتشجيع الاقتراض والاستثمار، وزيادة الإنفاق الحكومي على المشاريع التنموية لخلق فرص عمل وتحفيز الطلب الكلي، فيما يتم اللجوء إلى تخفيض الضرائب لتخفيف الأعباء المالية عن الشركات والأفراد، مما يسهم في تحفيز الاستهلاك والاستثمار.
علاوة على ذلك، تلعب الإصلاحات الاقتصادية دورًا محوريًا في مواجهة الركود، مثل تحسين بيئة الأعمال، وتشجيع الابتكار وريادة الأعمال، وتعزيز التنويع الاقتصادي لتقليل الاعتماد على قطاعات محددة، كما أن تعزيز التعاون الدولي والتجارة الخارجية يمكن أن يسهم في دفع عجلة النمو من خلال الاستفادة من الأسواق العالمية.