أخضر: القطاع الزراعي ومستقبل الأمن الغذائي في مصر
First Bank
يُعد القطاع الزراعي من أهم القطاعات الاقتصادية والاستراتيجية في مصر، حيث يسهم بشكل مباشر في تحقيق الأمن الغذائي ويوفر فرص عمل لنسبة كبيرة من السكان، سواء في الريف أو المدن.
ومؤخراً أصبح يواجه العديد من التحديات مثل ندرة الموارد المائية، والتغير المناخي، وتفتت الحيازات الزراعية، وضعف البنية التحتية الزراعية، والزيادة السكانية، ومع تزايد هذه التحديات أصبح من الضروري تحليل وضع القطاع الحالي واستكشاف مستقبله لضمان استدامة الغذاء وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
وتعتمد مصر بشكل أساسي على نهر النيل لتلبية احتياجاتها المائية، ومع زيادة السكان وتوسع الأنشطة الاقتصادية، تتزايد الضغوط على هذا المورد الحيوي، ومؤخراً شّكل سد النهضة الإثيوبي تحديًا كبيرًا من شأنه التأثير على حصة مصر المائية، مما قد يزيد من صعوبة توفير المياه الكافية للري الزراعي مستقبلاً.
وأدت التغيرات المناخية إلى ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة التصحر، وتغير نمط الأمطار، مما أثر سلبًا على إنتاجية المحاصيل الزراعية، مثل «القمح» والذي يُعد محصول استراتيجي شهد تراجعًا في الإنتاجية بسبب الظروف المناخية غير الملائمة، وهو ما يجعل التغير المناخي خطرًا مباشرًا على الأمن الغذائي.
كما يعاني القطاع الزراعي المصري من مشكلة تفتت الحيازات الزراعية، حيث يمتلك عدد كبير من المزارعين مساحات صغيرة لا تمكنهم من تطبيق تقنيات الزراعة الحديثة أو تحقيق إنتاجية مرتفعة.
ويأتي ذلك بالإضافة إلى مشكلة شبكات الري والصرف والتي تعاني من التدهور وعدم الكفاءة، مما يؤدي إلى إهدار المياه وتدهور التربة، بالإضافة إلى أن عدم الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة يُحد من قدرة المزارعين على تحسين إنتاجيتهم ومواكبة التطورات العالمية في الزراعة.
ومع ارتفاع عدد السكان في مصر، تزداد الحاجة إلى الغذاء بشكل كبير، مما يُمثل ضغطًا على الموارد الزراعية، وويدفع السلطات المصرية نحو استيراد كميات كبيرة من الحبوب لتلبية احتياجات السكان، مما يرفع من عجز الميزان التجاري ويؤثر على الاقتصاد الكلي.
وعلى الرغم من كل تلك التحديات، تبرز العديد من الفرص المتاحه لتطوير القطاع الزراعي في مصر، وذلك من خلال تبني الزراعة الذكية، وتحسين البنية التحتية الزراعية، وزيادة الاستثمارات لتعزيز الإنتاجية وتحقيق الأمن الغذائي.
حيث يمكن أن تسهم الزراعة الذكية في تحسين كفاءة استخدام المياه والأسمدة وزيادة الإنتاجية الزراعية، وذلك من خلال استخدام أنظمة الري بالتنقيط وأجهزة الاستشعار، يمكن تقليل هدر المياه ورفع كفاءة الزراعة.
كما يمكن زيادة الدعم الموجه للقطاع الزراعي، والذي يُعد وجهة جاذبة للاستثمارات، سواء من الحكومة أو القطاع الخاص، ويمكن ضخ المزيد من الاستثمارات في مشاريع مثل «المليون ونصف فدان» والذي يمثل فرصة لتوسيع الرقعة الزراعية وتحقيق تنمية مستدامة.
كما يمثل تنويع المحاصيل الزراعية استجابة فعالة للتغيرات المناخية، ويمكن التركيز على المحاصيل المقاومة للجفاف والملائمة للظروف المناخية، مع تعزيز زراعة المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والذرة.
ويأتي ذلك إلى جانب تعزيز الأمن الغذائي من خلال المبادرات الحكومية، حيث تعمل السلطات المصرية على تحسين الأمن الغذائي من خلال بناء صوامع لتخزين الحبوب، وتقليل الفاقد من المحاصيل.
كما يمكن تعزيز كفاءة الزراعة من خلال تطوير البنية التحتية في المناطق الريفية لدعم قدرة المزارعين على زيادة إنتاجيتهم، فضلاً عن تحسين شبكات الري والصرف، واستخدام التكنولوجيا الحديثة مثل الطائرات بدون طيار وأجهزة الاستشعار.
ويمكن أن يساعد التعاون مع الدول المجاورة «خاصة في إفريقيا» في ضمان الأمن المائي والغذائي، كما أن استيراد التكنولوجيا الزراعية من الدول المتقدمة يمثل فرصة لتطوير القطاع.
كما يجب على الدولة تطوير السياسات الزراعية التي تستهدف زيادة الإنتاجية الزراعية وتحسين كفاءة استخدام الموارد، فضلاً عن دعم البحث العلمي الزراعي والذي بإمكانه المساهمة في تطوير محاصيل زراعية جديدة مقاومة للجفاف والآفات، مما يزيد من الإنتاجية الزراعية.
ويمكن تقليل الفاقد من المحاصيل الزراعية من خلال تحسين أنظمة التخزين والنقل، مما يساهم في تقليل الاعتماد على الاستيراد، كما يمكن توفير برامج تدريبية للمزارعين حول أفضل الممارسات الزراعية الحديثة مما يساعد في تحسين إنتاجيتهم وضمان استدامة مواردهم.