انطلقت فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ كوب 29 لعام 2024 يوم الإثنين الماضي في باكو أذربيجان وم

الأمم المتحدة,أزمة المناخ,كوب 29,التضامن من أجل عالم أخضر,أذربيجان



أخضر: مؤتمر «كوب 29» خطوة حاسمة نحو تضامن عالمي لمواجهة التغير المناخي

FirstBank

انطلقت فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ «كوب 29» لعام 2024، يوم الإثنين الماضي، في باكو، أذربيجان، ومن المقرر أن تستمر فعالياته حتى الثاني والعشرون من الشهر الجاري، ويُعد الموضوع الرئيسي للمؤتمر هو «التضامن من أجل عالم أخضر».

ويهدف المؤتمر إلى جمع قادة العالم وخبراء المناخ للمناقشة والتفاوض حول الإجراءات اللازمة لمعالجة أزمة المناخ العالمية، وتحقيق تقدم في معالجة التحديات البيئية العالمية، وبشكل خاص تعزيز التعاون العالمي لتحقيق صفر انبعاثات للغازات الدفيئة بحلول عام 2050.

ويأتي إنعقاد المؤتمر في وقت حرج؛ إذ تواجه العديد من الدول آثارًا متزايدة للتغير المناخي، مثل الفيضانات وحرائق الغابات والجفاف، ما يجعل الحاجة ملحة لاتخاذ إجراءات ملموسة.

ويركز المؤتمر على ثلاثة محاور رئيسية وهما «تحديث التزامات الدول تجاه أهداف خفض الانبعاثات»، و«توفير التمويل للدول النامية لمواجهة الخسائر والأضرار»، و«زيادة تمويل التكيف».

وتأتي التحديثات ضمن المساهمات المحددة وطنيًا «NDCs»، والتي تُعتبر أساسًا لالتزامات الدول تجاه تحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ، والهدف منها هو تحفيز الدول على تبني سياسات أكثر طموحًا لضمان خفض كبير في انبعاثات الغازات الدفيئة بحلول عامي 2030 و2035.

ويأتي ذلك بالإضافة إلى التركيز على مسارات واقعية للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية، فضلاً عن توسيع نطاق الالتزامات ليشمل مجالات متعددة، مثل الطاقة والزراعة والنقل، وتشجيع التغييرات الواسعة التي تساعد على تحقيق الأهداف البيئية.

أما عن تمويل «الخسائر والأضرار»، فيُعد من أبرز القضايا المطروحة في هذا المؤتمر، حيث يسعى إلى توفير مساعدات مالية للدول النامية التي تعاني من الكوارث المناخية غير المتوقعة والتي تتجاوز إمكاناتها على التكيف.

كما يُعد هذا التمويل جزءًا من الآلية الجديدة التي تم إنشاؤها خلال مؤتمر كوب 28، ويتوقع أن يعلن بعض الدول المتقدمة التزامات إضافية لسد الاحتياجات المالية، ومن المتوقع أن تبلغ قيمتها حوالي 700 مليون دولار، ولكن التحديات تبقى قائمة لتوفير تمويل أكبر يتماشى مع حجم الأضرار المتوقعة بحلول عام 2030.

وبالنظر إلى التغيرات المناخية المستمرة، تتزايد الحاجة إلى تمويل عمليات التكيف، حيث تعهدت الدول المتقدمة حتى الآن بمضاعفة تمويل التكيف ليصل إلى 40 مليار دولار بحلول عام 2025، ولكن هذا التمويل لا يزال بعيدًا عن الاحتياجات الفعلية، التي تُقدر بمئات المليارات سنويًا، ويتوقع أن يسعى المؤتمر إلى تحسين المرونة في تمويل التكيف للدول الأكثر ضعفًا، مع تقديم خيارات تمويل بشروط مرنة ومنخفضة الفائدة.

ويُعد التركيز المتزايد على التزامات الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين والهند بزيادة التزاماتها نحو خفض الانبعاثات من النتائج الملحوظة في «كوب 29» حتى الآن، وقد أعلنت بعض الدول أنها ستعمل على تقديم مساهمات محددة وطنياً أكثر طموحًا، مما يضع معايير جديدة للالتزامات الوطنية.

وبالإضافة إلى ذلك، أطلقت بعض المؤسسات المالية والبيئية تعهدات جديدة لدعم صندوق الخسائر والأضرار، مع التزام بدعم البلدان النامية في مواجهة الكوارث المناخية.

كما شهد المؤتمر أيضاً مناقشات حول آليات تمويل الكربون، حيث يتم استكشاف كيفية توسيع أسواق الكربون العالمية لدفع المزيد من الاستثمارات في مجال الطاقة النظيفة، فيما تم تسليط الضوء على سبل دعم المجتمعات التي تعتمد على قطاعات مثل الزراعة، والتي تواجه تحديات غير مسبوقة بسبب التغيرات المناخية، وهناك محادثات مستمرة حول كيفية تنظيم وتتبع الأسواق بحيث تصبح أكثر فعالية في دعم الجهود المناخية.

ومن المتوقع أن يدفع مؤتمر «كوب 29» الدول الكبرى إلى تقديم التزامات أكثر طموحًا بخفض الانبعاثات، وهو ما سيكون خطوة محورية نحو تحقيق أهداف اتفاق باريس، علاوةً على ذلك، ستساهم القرارات المتعلقة بتمويل الخسائر والأضرار في توفير حماية للمجتمعات الأكثر ضعفًا من آثار التغير المناخي، ومن المتوقع أن تشهد هذه المجتمعات بعض التحسن في قدرتها على التعافي من الكوارث.

كما يُتوقع أن يؤدي المؤتمر إلى إرساء أسس جديدة لتمويل التكيف، وهو ما سيسهم في بناء قدرات المجتمعات على مواجهة المخاطر المستقبلية، وبالنسبة لأسواق الكربون، فمن المرجح أن تشهد توسعاً كبيراً مع تزايد توجه الدول لاعتماد أنظمة تداول الانبعاثات كوسيلة لتحقيق أهدافها الوطنية.

وبشكلٍ عام، يعد «كوب 29» فرصة حاسمة للدول لإعادة تقييم التزاماتها والعمل معاً لمواجهة التغير المناخي، فإذا نجح المؤتمر في دفع هذه الالتزامات قدماً، فمن المتوقع أن يكون له تأثير إيجابي على السياسات البيئية العالمية ويساعد في تحسين فرص التكيف مع التغيرات المناخية المتزايدة التي تواجهها الإنسانية.