رسائل «First»: بقاء التضخم عند مستويات بعيدة عن مستهدف «المركزي» وتصاعد نمو المعروض النقدي يعززان قرار تثبيت أسعار الفائدة في اجتماع الخميس المقبل
First Bank
يترقب المجتمع الاقتصادي في مصر الاجتماع القادم للجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري المقرر له الخميس المقبل، ويأتي هذا الاجتماع في ظل تطورات اقتصادية محلية ودولية تستدعي تقييم السياسة النقدية الحالية، بهدف تحقيق التوازن بين استقرار الأسعار من ناحية ودعم النمو الاقتصادي من ناحية أخرى.
ويأتي الاجتماع وسط مجموعة كبيرة من التحديات العالمية والمحلية وأبرزها الحروب والمشاكل الاقتصادية والتضخم العالمي الذي ما زال مستمرا عند مستويات مرتفعة في كثير من البلدان.
وعلى الرغم من ذلك بدأت البنوك المركزية حول العالم في دورة تيسير نقدي لإنهاء حالة الانكماش التي استمرت مُنذ مطلع الأزمة العالمية الحالية في يناير 2023، والتي جاءت تبعاً للتحديات المتعددة التي تعرض لها الاقتصاد العالمي مع بدء انتشار جائحة COVID-19، ويليها الحرب الروسية الأوكرانية، ثم أزمة سلاسل الإمداد والتوريد.
فعلى الصعيد العالمي شهدنا في الاجتماعات الأخيرة اتجاه بنوك مركزية في الاقتصاديات المتقدمة نحو تسهيل السياسات النقدية عبر تخفيض أسعار الفائدة، حيث قام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بتخفيض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس ليصل إلى 5%، ويُعد هذا التخفيض الأول منذ أكثر من أربع سنوات ويعكس تحول تركيز الفيدرالي من مكافحة التضخم والذي تراجع إلى 2.5% وهو قريب من المعدل المستهدف، إلى دعم النمو الاقتصادي ومحاولة إخراج الاقتصاد الأمريكي من حالة الركود التي دخلها بالفعل.
كما خفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس ليصل إلى 3.50% بعد انخفاض معدل التضخم في منطقة اليورو إلى 1.8% في سبتمبر الماضي وذلك عقب خفض مماثل في يونيو 2024.
وبالإضافة إلى ذلك بدأت المؤسسات التمويلية الإنمائية في تخفيض تكلفة التمويل للبلدان، مثل صندوق النقد الدولي والذي أقدم على اتخاذ خطوة لتخفيض تكلفة التمويل بنحو 36% للدول الأعضاء المقترضة منه، وبالتالي ستساهم دورة التسيير النقدي العالمية في تعزيز الطلب نسبياً والخروج من حالة الركود التي دخلها الاقتصاد العالمي في الأشهر الأخيرة.
وعلى المستوى المحلي سجل معدل التضخم العام في مصر 26.4%، فيما سجل معدل التضخم الأساسي نحو 25%، في حين أن المعدل المستهدف والمعلن من قبل البنك المركزي المصري هو 7% (±2%) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024، وبالتالي مازال التضخم في مصر عند مستويات بعيدة عن مستهدف البنك المركزي، وهو ما يعزز من قرار التثبيت في اجتماع السياسة النقدية الخميس المقبل.
وعلى مستوى المعروض النقدي الذي يُعد الأداة الرئيسية التي يحاول البنك المركزي المصري التأثير فيها من خلال أدوات السياسة النقدية من أجل التحكم في معدلات التضخم، فسجل نموًا بمعدل 0.65% خلال شهر أغسطس الماضي ليصل إلى 2.707 تريليون جنيه، وذلك مقابل تراجع بمعدل 0.45% خلال شهر يوليو السابق عليه، وهو ما يعني نموا متصاعدا في المعروض النقدي قد يهدد مستهدفات البنك المركزي للتضخم.
وفي ضوء تلك المتغيرات أصبح البنك المركزي المصري أمام خيارين إما تثبيت أسعار الفائدة ومواصلة حصاره للتضخم وهو القرار الأقرب من الناحية الاقتصادية، أو البدء في موجة تخفيض لأسعار الفائدة خلال الفترة القادمة على أن يحول دفة استهداف التضخم لأدوات نقدية أخرى مثل عمليات السوق المفتوحة.