محمد الإتربي: 485.6 مليار دولار إجمالي تمويل عمليات الاحتيال المصرفي على مستوى العالم خلال 2023
قال محمد الأتربى، رئيس مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية، ورئيس إتحاد بنوك مصر، إن إجمالي تمويل عمليات الاحتيال المصرفي على مستوى العالم بلغ نحو 485.6 مليار دولار خلال عام 2023.
وأشار إلى أن الأرقام التي تضمنها التقرير العالمي الصادر من وكالة "Nasdaq" لعام 2024، والتي تشير إلى تدفقات الأموال غير المشروعة عبر النظام المالي العالمي خلال عام 2023 والبالغ قيمتها 3.1 تريليون دولار، تتجسد في عمليات غسل أموال وتمويل عدد من الجرائم المدمرة، بجانب تمويل عمليات الاتجار بالبشر.
وجاء ذلك خلال كلمته بالملتقي السنوي لمدراء الالتزام في المصارف العربية المنعقد تحت عنوان "تعزيز الأمتثال لتشريعات وضوابط مكافحة غسل الأموال وتمويل الأرهاب وضمان حماية البيانات المصرفية".
وأضاف الإتربي أن حجم تمويل الإتجار بالبشر بلغ نحو 346.7 مليار دولار، وتمويل تجارة المخدرات نحو 782.9 مليار دولار، أيضاً هناك نحو 11.5 مليار دولار تم استخدامها في تمويل الأرهاب.
وأشار إلى أن هذه الأرقام توضح أن عمليات غسل الأموال وتمويل الأرهاب قد بلغت مستويات مقلقة أكثر من أي وقت مضى، خصوصا أنها تدخل ضمن نطاق سلسلة لا تنتهي من الجرائم، بما في ذلك الجريمة المنظمة بكل تفاصيلها، والإرهاب، وسرقة المال العام ... إلخ.
كما أشار إلى الآثار السلبية الاقتصادية التي تتسبب فيها الجرائم المالية والتي على رأسها غسل الأموال وتمويل الإرهاب حيث أنها تؤدي إلى تدني سمعة النظام المالي للدولة، وحرمانها من موارد مالية مهمة كان من الممكن تخصيصها للتشغيل والتنمية كما أنها من الأسباب الرئيسية لارتفاع معدلات التضخم فضلاً عن تأثيرها في قواعد المنافسة الشريفة والنزيهة.
وتابع "الإتربي"، أما على المستوى الاجتماعي، فتقع على المؤسسات المالية العربية والدولية مسئولية كبري بل أساسية لتتبع ودرء الجرائم المالية، لأن أثر عدم الملاحقة بشكل أمثل وفعال لمتحصلات تلك الجرائم، يؤدي إلى تمكين مرتكبيها من أعادة استغلال تلك المتحصلات في جرائم أكثر، مثل تمويل الإرهاب، ناهيك عن مساهمتها في زيادة معدلات الجريمة وتراجع قيم التعليم والثقافة.
وأضاف "الإتربي"، مما سبق تأتي أهمية ذلك الملتقي والذي يتناول تجارب الدول العربية في مجال استخدام النظم التكنولوجية الحديثة لضمان حماية البيانات في المصارف كما يتعرض لأبرز التحديات التي تواجه القطاع الخاص في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وأفضل الممارسات لمواجهتها، خصوصاً في ظل هذا التحوُّل المتسارع نحو الرقمنة، والتوسع في الاعتماد على التكنولوجيا في إجراء العمليات المصرفية.
وأوضح، أن المصارف هي الأكثر استهدافاً لتنفيذ الجرائم المالية وغسل الأموال، وعلى الرغم من ذلك فأنها الوسيلة والأداة الرئيسية وخط الدفاع الأول الفعال لمكافحة هذه الجرائم، شرط أن تمتلك المصارف الموارد والخبرة والمعرفة الكافية والعميقة بالآليات والقنوات لمكافحة غسل الأموال أو تمويل الإرهاب.
وأكد على أن هذا ما يسعى إتحاد المصارف العربية إلى تحقيقه من خلال هذا الملتقى والملتقيات السابقة، حيث خصص حيزاً هاماً من فعالياته لتسليط الضوء على هذه الآفة الخطيرة كما عزز سبل التعاون المستمر بينه وبين المؤسسات الإقليمية والدولية المعنية عبر عقد المؤتمرات والمنتديات والملتقيات التي عقدها خلال السنوات الأخيرة.
وأشار إلى أن الهدف الرئيسي من هذه النشاطات هو تعزيز الوعي، وتفعيل الإجراءات في مجال مكافحة هذه الآفة الخطيرة، من خلال التعرُّف على القواعد الدولية الجديدة وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص بما فيها التعاون مع المؤسسات الأمنية والقضائية العربية بهدف حماية القطاع المصرفي العربي والحفاظ على العلاقات بين المصارف العربية والمصارف المراسلة.
وأضاف "الإتربي"، من هذا المنطلق فأن المصارف والمؤسسات المالية في جميع أنحاء العالم تواجه متطلبات تنظيمية متزايدة ومعقدة، وتدقيقاً متزايداً على أطر الامتثال الخاصة بها، لا سيما بمسائل مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وأشار إلى أن هذه البيئة التنظيمية المعقدة والحاجة الملحة لتطبيقها تفرض المزيد من الضغوط على المصارف، تتمثل هذه الضغوط في الموائمة بين ضرورة الامتثال للقوانين والتشريعات الدولية وفي الوقت نفسه ترسيخ المتطلبات التي تحقق الشمول المالي، وتمويل الشركات الصغيرة المتوسطة ورواد الأعمال، وتسهيل التمويلات المالية، وتمويل التجارة والاستثمار.
واستكمل قائلا، في هذا المجال فقد حققت بعض دولنا العربية تقدماً، لافتاً تعزيز نظامها المتعلق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب من خلال تنفيذ القوانين الدولية وخاصةً قاعدة اعرف عميلك، والتحقيق في الجرائم المالية، وإجراء أنشطة للتوعية بشأن الالتزامات المتعلقة بإجراءات الحظر المالي ونقل الأموال، إلا أنه وعلى الرغم من تلك الجهود، لا يزال هناك عدد من التحديات القائمة على مستوى الدول وعلى مستوي القطاعات المصرفية الإقليمية العاملة بها تحتاج إلى تضافر الجهود للتغلب عليها، ومن أبرزها:
• تطوير التشريعات الوطنية... فعلى الرغم من الجهود المبذولة على هذا الصعيد، إلا أننا لا زلنا في حاجة ماسة لزيادة العمل على تطوير التشريعات الوطنية بما يتوافق مع المعايير الدولية.
• إثراء قواعد البيانات والإحصائيات المتعلقة بعمليات غسل الأموال ومكافحة الإرهاب حيث لا يزال هناك ضعف في استيفاء قاعدة بيانات وإحصائيات وطنية شاملة ومحدثة لحصر كافة القضايا المتعلقة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب لدي بعض الدول.
• التطور التقني المتسارع وظهور أدوات مالية مثل العملات المشفرة الأمر الذي يتطلب من السلطات المعنية في الدولة اتخاذ الخطوات اللازمة لمواكبة سرعة هذه التطورات.
• السيطرة على عمليات التهريب عبر الحدود البرية، خاصة لدى الدول التي تمتلك حدود برية طويلة.
• تحسين امتثال الاعمال والمهن غير المالية المحددة للمتطلبات في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
• وعلى مستوى البنوك فأن هناك تحديات ناجمة لدى بعض البنوك تتمثل في الأستبعاد المالي لبعض فئات العملاء، من جراء التزام البنوك بالتطبيق التام للتوصيات والتعليمات المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الأرهاب، حيث قامت بإغلاق حسابات أو تقليص للخدمات، والامتناع عن التعامل مع فئة أو فئات من مستهلكي الخدمات المالية.
تابع، ذلك فضلاً عن ارتفاع تكلفة الخدمات المقدمة من جانب أو التوقف عن تقديم بعضها في بعض البنوك... الامر الذي أثر علي قدرة بعض فئات العملاء الحاليين على الاستمرار في تعاملاتها مع القطاع المصرفي الرسمي والتحول للتعامل مع القطاع غير الرسمي.
• كما أن هناك تحديات تتعلق بكفاءة نماذج أعرف عميلك (KYC) وأعرف عميل عميلك (KYCC) في تزويد البنك بالمعلومات الكافية والحقيقية عن العملاء.
• فضلاً عن التحديات التي تتعلق بتدريب وتأهيل موظفي البنوك للتعامل مع الأدوات والبرمجيات التي تساعد على التعرف بشكل مبدئي على العمليات المشبوهة.
• ضعف الوعي والتثقيف حول ماهية وسبل مكافحة غسل الأموال وتمويل الأرهاب.
كما أكد على الاهتمام بعقد الدورات التدريبية وبناء القدرات سواء لإعداد المقيمين على مستوى الدول العربية من خلال تنظيم دورات تدريبية متخصصة ومتقدمة حول التحليل الاستراتيجي بالتعاون مع المنظمات الدولية ذات الخبرة بالمجال، أو تنظيم دورات تدريبية مكثفة لجهات التحقيق التي تُعد من جهات إنفاذ القانون والسلطات القضائية والادعاء العام في مجال التحقيقات المالية الموازية.
فضلاً عن عقد مزيد من ورش العمل لإطلاع الدول العربية على آخر المستجدات في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وبشكل خاص تلك المرتبطة بالتطورات التقنية.
وقام الإتربي بدعوة الدول العربية للتوقيع على مذكرات تفاهم مشتركة فيما بينها ومع دول العالم في المجالات المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مما سيساهم في تعزيز التواصل وتبادل المعلومات وكذلك تعزيز التدريب وتبادل الخبرات بين الجهات الإشرافية والرقابية العربية.
وأشار إلى الاهتمام بالتوعية والتثقيف حول مفهوم الجرائم المالية والمخاطر المتعلقة بها بشكل عام، وبغسل الأموال وتمويل الأرهاب بشكل خاص.
وأكد على ضرورة العمل على الاستفادة من فرص توظيف التقنيات المالية الحديثة لتعزيز إجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في القطاع المالي.
ونوه إلى أهمية تشكيل لجنة مشتركة بين البنوك والمصارف المركزية بالدول العربية لتطوير نماذج أعرف عميلك (KYC) وأعرف عميل عميلك (KYCC) والتركيز بشكل أساسي على البيانات المتعلقة بمصادر الثروة
والأموال، إلى جانب تطبيق مبدأ إجراء "اعرف عميلك" على أساس مبدأ درجة المخاطر "Risk Based Approach".
كما حث البنوك والمؤسسات المالية على اقتناء أنظمة وبرامج آلية حديثة تساعد على التحديد المبدئي للعمليات المالية المشبوهة، إلى جانب الاهتمام بموضوع التدريب وبناء القدرات لموظفي البنوك والمؤسسات المالية وتأهيلهم للتعامل مع هذه الأنظمة والبرامج.