أخضر: ما هى أسواق الكربون المستهدف إطلاقها في مصر خلال الربع الأول 2024؟
ياسمين السيد
تخوض دول العالم حاليًا حربًا من نوع مختلف، حيث تسابق الزمن من أجل خفض انبعاثات الغازات الدفيئة للسيطرة على تغير المناخ، الذى أصبحنا نُدرك جميعًا عواقبه الوخيمة على كوكبنا، ولم تكن مصر بمنأي عن ذلك، حيث سعت خلال السنوات الأخيرة نحو تكثيف جهودها للحد من عواقب هذه الكارثة.
وكانت واحدة من أبرز جهودها مؤخرًا هى أسواق الكربون التى تستهدف مصر إطلاقها محليًا في الربع الأول من عام 2024، وذلك عقب إنضمام البورصة المصرية إلى مبادرة الإتحاد العالمي للبورصات من أجل المناخ، الهادفة للتعاون بين البورصات العالمية لخفض الانبعاثات المسببة للتغيرات المناخية.
كما أصدرت الهيئة العامة للرقابة المالية في مصر الضوابط الخاصة بتداول شهادات الكربون، سواء للشركات المحلية أو العالمية، ومن المتوقع أن تُحقق عوائد بمليارات الجنيهات من طرح تلك الشهادات في الفترة المقبلة.
ويأتى ذلك في خطوة تهدف مصر من خلالها إلى حشد التمويل المناخي فضلًا عن تعزيز الجهود العالمية في التخفيف والتكيّف مع التغيرات المناخية .. فما هى أسواق الكربون التى ظهرت كحل لتمويل هذا الملف؟!
تُعرف أسواق الكربون على أنها نظام تجاري يمكن من خلاله للدول بيع أو شراء وحدات من انبعاثات الاحتباس الحراري التى تطلقها الدول بهدف الإلتزام بالحدود الوطنية المسموح بها لهذه الانبعاثات.
ويرجع استخدام مصطلح الكربون إلى أن غاز ثاني أكسيد الكربون هو غاز الاحتباس الحراري الأكثر شيوعاً، ويتم قياس انبعاثات الغازات الأخرى بوحدات تُسمى مكافئات ثاني أكسيد الكربون.
وتعود نشأءه أسواق الكربون في الأساس كمقترح لإتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي عام 1992، التى وضعت إطاراً للعمل الدولي للتعامل مع تحديات التغير المناخي، وهو الهدف الذى تم تأكيده في إطار بروتوكول كيوتو عام 1997، والذى حدد أهدافاً للدول للحد من الانبعاثات من خلال مجموعة من الأدوات؛ من أبرزها نظام تداول حقوق انبعاثات الكربون.
وأشارت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ إلى آلية السوق التى يمكن استخدامها في مكافحة الانبعاثات.
ووافقت الدول المشاركة في مؤتمر المناخ «كوب 26» الذى عُقد في جلاسكو عام 2021، على المادة 6 من اتفاق باريس والخاصة بالقواعد المنظمة لأسواق الكربون الدولية.
وتقوم فكرة أسواق الكربون انطلاقاً من هذا الهدف، حيث يجري تحديد حصص محددة من الانبعاثات الكربونية لكل دولة.
ويمكن للدول التى تتجاوز حصتها المحددة من الانبعاثات شراء حصص إضافية من الدول التي لديها فائض من حقوق الانبعاثات، بينما يمكن للدول التى تحقق تخفيضات في انبعاثاتها أن تبيع حصصها الزائدة للدول الأخرى التي تحتاج إليها.
وتُصنف أسواق الكربون إلى نوعين وفقاً للمنظور التشريعي، أولها أسواق الكربون الإلزامية؛ التى تهدف إلى ضرورة أن يفي المشارك بالأهداف الصارمة التى تضعها الحكومات ويتم تنظيمها من خلال خطط دولية أو إقليمية لخفض الانبعاثات.
أما عن النوع الثاني فهو أسواق الكربون الطوعية؛ التى تسمح للشركات والأفراد بتعويض انبعاثاتهم على أساس طوعي من حيث أرصدة الكربون.
ويشهد سوق الكربون نموًا مطردًا خلال السنوات الخمسة الماضية على المستوي العالمي، حيث بلغ حجمه في عام 2022 حوالي 364.03 مليار دولار، واستمر هذا النمو خلال العام الجاري، حتى تخطي الـ479.41 مليار دولار.
يجدر الإشارة إلى أن مصر خلال العقد الأخير أطلقت حزمة واسعة من المشروعات التنموية والخدمية في مختلف القطاعات، بقيم تُناهز 9.4 تريليون جنيه، وهى المشروعات التى راعت قطاعًا كبيرًا، منها المعايير البيئية، وخفض انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة لظاهرة التغيرات المناخية، وفقًا لتصريحات سابقة لمصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء.
وتمكنت من خفض أكثر من 2.1 مليون طن من ثاني أكسيد البترول المكافئ جراء تحويل نصف مليون سيارة للعمل بالغاز الطبيعي، و900 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون بفضل توصيل الغاز الطبيعي لأكثر من 14 مليون وحدة سكنية، بالإضافة إلى خفض نحو 1.4 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون المكافئ من مشروعات إسترجاع غاز الشعلة.
وأدى مشروع تحسين كفاءة استخدام الطاقة لتوفير 900 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون المكافئ، بالإضافة إلى خفض انبعاثات بنحو 50 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون المكافئ من استخدام الطاقة المتجددة بكثافة في العاصمة الإدارية الجديدة، وفقًا لوزارة البترول.
وتسعي مصر نحو تحقيق المزيد، حيث تستهدف تحقيق خفضًا إضافيًا من انبعاثات قطاعات البترول والكهرباء والنقل بمقدار نحو 80.5 مليون طن ثاني أكسيد كربون مكافئ، وذلك وفقًا لخطة المساهمات المصرية المُقدمة لسكرتارية مؤتمر الأطراف كوب 28.