أخضر: فيضانات ليبيا.. من المسؤول عن الكارثة؟
ياسمين السيد
تُعد الفيضانات التى شهدتها ليبيا مؤخرًا، واحدة من أعنف الفيضانات التى شهدها العالم خلال الفترة الأخيرة، حيث تسببت عاصفة «دانيال» التى ضربت السواحل الليبية في انهيار السدود في مدينة درنة الساحلية.
وهو ما نتج عنه إختفاء مناطق بأكملها في «درنة» قدرها بعض المسؤولين بأنها ربع المدينة أو أكثر، وراح ضحيتها أكثر من 3 الآلاف شخص، والعدد في إزدياد خاصة مع بقاء آلاف المفقودين الذين لا يعرف مصيرهم إلى الآن، وفقًا لتصريحات وزير الصحة في الحكومة الليبية، ولم يتوقف حجم الضرر عند الخسائر البشرية فقط، بل تسبب في خسائر اقتصادية مهولة.
وعلى الرغم من أن الفيضانات ظاهرة طبيعية تحدث بين الحين والآخر في المناطق الساحلية، إلا أنها باتت أكثر شدة وتكرارًا خلال السنوات الأخيرة، الأمر الذى يرجعه العلماء إلى ظاهرة الإحترار العالمي، حيث قالت بعثة الاتحاد الأوروبي أن ليبيا من أكثر دول العالم التى تضررت بسبب آثار التغير المناخي.
كما ذكر تقريرًا بحثيًا صادر عن المفوضية الأوروبية، أن دول شمال إفريقيا ومن ضمنها ليبيا، تعتبر الأكثر عرضة لمشكلات تغير المناخ في القارة الأفريقية، مضيفًا أن أضرار الفيضانات الساحلية السنوية بشكل عام قد تزيد بمقدار 20 إلى 50 ضعفًا؛ بسبب تغير المناخ فقط، في حال لم يتم اتخاذ تدابير مناسبة للتكيف مع الفيضانات وضبط متوسطات درجات الحرارة عالميًا.
ويتسبب إحترار الغلاف الجوي للأرض بارتفاع درجات الحرارة التى تؤدي إلى جفاف التربة، كما قد ينعكس إحترار المحيطات والبحار كالبحر الأبيض المتوسط على شدة هطول الأمطار، لكن هطول الأمطار في هذه الحالة يؤدي إلى بعض الآثار السلبية، والتى من الممكن أن تظهر بصورة واضحة على شكل فيضانات بسبب شدة الهطول وقلة امتصاص التربة لمياه الأمطار؛ ومن ثم انتشار المياه إلى مناطق أبعد من المعتاد.
كما يُعطي ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي والمسطحات المائية، طاقة أكبر للعواصف الساحلية والأعاصير، فتهب بدرجات أقوى ومعدلات تزداد عامًا بعد عام، وتزيد بالتالي من شدة وسرعة وتيرة حدوث الفيضانات.
علاوة على ذلك، فإن ذوبان الأنهار والصفائح الجليدية يرفع من مستويات سطح البحر عالميًا، حيث أصبحت محيطات الأرض وبحارها أعلى بنحو 20 سنتيمترًا مقارنة بما كانت عليه في عام 1900، وهو المعدل الأعلى للارتفاع في قرنٍ واحد خلال الألفي عام الماضية.
وعلى الرغم من حجم الكارثة التى خلفتها فيضانات ليبيا، إلا أنه كان يمكن تدارك الأمر بشكل أقل ضرارًا من الحادث الآن.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز، أن الفيضانات في «درنة» كشفت بشكل واضح كيف يمكن أن تؤثر طريقة إنشاء البنى التحتية، بالتعاون مع المناخ والجغرافيا، في حجم الدمار، لتحول عاصفة إلى كارثة غير مسبوقة.
كما لعب الفساد أيضًا دورًا كبيرًا في تفاقم الكارثة، حيث قالت صحيفة الفايناشال تايمز في تقرير لها، أنه عندما هبت العاصفة «دانيال» عبر البحر الأبيض المتوسط باتجاه المنطقة الساحلية الشرقية لليبيا، كان لدى المسؤولين المحليين إنذار كاف بأقتراب العاصفة من سواحلهم، وكانت العاصفة قبل أيام تسببت في فيضانات في اليونان وتركيا وبلغاريا أودت بحياة أكثر من عشرة أشخاص، إلا أنه لم يكن أحد في ليبيا مستعدًا لحجم الكارثة.