مديرة صندوق النقد الدولي: هناك 3 حلول لتحسن آفاق النمو على المدى القصير والمتوسط
قالت كريستالينا غورغييفا مديرة صندوق النقد الدولي، إنها ترى أن هناك ثلاثة حلول لتحسين آفاق النمو على المدى القصير والمتوسط.
وأوضحت مديرة صندوق النقد الدولي، أنه يعد الحل الأول هو مكافحة التضخم مع حماية الاستقرار المالي، حيث أنه لا يمكن تحقيق نمو صلب دون استقرار الأسعار أو دون الاستقرار المالي.
وأوضحت مديرة صندوق النقد الدولي، أنه بالرغم من نجاح البنوك المركزية في رفع أسعار الفائدة بوتيرة الأسرع والأكثر تزامناً منذ عقود طويلة، بينما لا يزال التضخم الأساسي يشهد ارتفاعاً مزمناً، وهو ما يرجع جزئياً إلى نقص المعروض في أسواق العمل في العديد من البلدان.
وأضافت غورغييفا، بأن مكافحة التضخم باتت أكثر تعقيداً في ظل الضغوط التي شهدها القطاع المصرفي مؤخراً في الولايات المتحدة وسويسرا، والتي تعد بمثابة تذكرة بصعوبة التحول السريع من فترة مطولة شهدت أسعار فائدة متدنية وسيولة وفيرة إلى ارتفاع كبير في أسعار الفائدة وندرة في السيولة.
ونوهت أن هذه الضغوط كشفت عن إخفاق ممارسات إدارة المخاطر في عدد من البنوك، وعن عثرات رقابية أيضا، ولكنها أثبتت أن القطاع المصرفي قطع طريق طويل منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008.
وأشارت مديرة صندوق النقد الدولي، أن البنوك أصبحت أكثر قوة وصلابة بوجه عام، كما أثبت صناع السياسات في الأسابيع الأخيرة قدرة ملحوظة على اتخاذ إجراءات سريعة وشاملة.
وأضافت أنه لا تزال هناك مخاوف بشأن مواطن الضعف التي ربما تكون مستترة داخل البنوك والمؤسسات غير المصرفية على حد سواء ولا مجال للتراخي في الوقت الحالي.
وقالت مديرة النقد الدولي، إننا نتوقع أن تواصل البنوك المركزية حربها على التضخم، وذلك مع استمرارها في تشديد السياسات لمنع انفلات ركيزة التوقعات التضخمية.
وذكرت أنه يجب على البنوك المركزية التصدي للمخاطر المهددة للاستقرار المالي في حال ظهورها، وذلك من خلال توفير أدوات السيولة الملائمة، مضيفة أن العامل الأساسي هو مراقبة المخاطر عن كثب في البنوك والمؤسسات المالية غير المصرفية، ومواطن الضعف في قطاعات مثل العقارات التجارية.
وأوضحت غورغييفا، أن البنوك المركزية عليها أن تواصل استخدام أسعار الفائدة في مكافحة التضخم، مع الاستعانة بالسياسات المالية في ضمان الاستقرار المالي، موضحة أن هذا يعتبر المسار الصحيح ما دامت الضغوط المالية محدودة.
ونوهت إلى أن ستصبح مهمة صناع السياسات أكثر تعقيداً إذا ما تغير الأمر، حيث أنهم سيواجهون صعوبة في المفاضلة بين أهداف التضخم والاستقرار المالي والأدوات المستخدمة في تحقيق تلك الأهداف. لذلك علينا أن نكون أكثر يقظة ومرونة من أي وقت آخر.
وذكرت أنه لا بد من بذل المزيد من الجهود للحد من عجز الميزانية لدعم الحرب ضد التضخم وإتاحة الحيز المالي اللازم للتعامل مع الأزمات مستقبلا، ولكن هذه الجهود يجب أن تقترن بدعم الفئات الأكثر ضعفا، ولا سيما التي لا تزال تعاني مغبة أزمة تكلفة المعيشة.
وقالت مديرة صندوق النقد الدولي، إنها ستكون تجربة الصعود أكثر مشقة هذه المرة، مؤكدة أنه يجب علينا مكافحة التضخم، وحماية الاستقرار المالي، وحفظ التماسك الاجتماعي.
وأشارت إلى أن النجاح في هذه المهمة يعني أن الاقتصادات المتقدمة الكبرى سيتسنى لها أن تخطو بأقدام ثابتة على ذلك الطريق الضيق نحو تحقيق الهبوط الهادئ المرجو وحماية الاقتصادات الصاعدة والنامية الأكثر ضعفا من التداعيات الضارة.
وأوضحت أن الحل الثاني لتحسين آفاق النمو على المدى المتوسط، هو أن يظل النمو العالمي في حدود 3% على مدار الخمس سنوات القادمة، وهو أدنى تنبؤات للنمو على المدى المتوسط منذ عام 1990.
وأضافت غورغييفا أن هذا المعدل يعتبر أقل بكثير من المتوسط الذي بلغ 3.8% في العقدين الماضيين، كما يزيد ذلك من صعوبة الحد من الفقر، وإبراء الندوب الاقتصادية التي خلفتها أزمة كوفيد، وتوفير فرص جديدة وأفضل للجميع.
وقالت إن حل هذه المشكلة يتتطلب دفع الإنتاجية والنمو الممكن من خلال الإصلاحات الهيكلية بتعجيل وتيرة الثورة الرقمية، وتحسين بيئة الأعمال وتعزيز رأس المال البشري والاحتواء، وسد فجوة مشاركة المرأة في سوق العمل، يمكن زيادة الناتج الاقتصادي بمتوسط يبلغ 35% في البلدان التي لديها مستويات أعلى من عدم المساواة بين الجنسين.
وأضافت مديرة الصندوق الدولي، أننا نحتاج لتغير جوهري أخضر لكي نحمي كوكبنا ونخلق فرصا اقتصادية جديدة، مؤكدة أن الهدف الجماعي يتحقق بتحقيق النتائج المتوخاة في اتفاقية باريس ودعم الصلابة سيقتضي إعادة توجيه تريليونات الدولارات نحو المشروعات الخضراء.
وأوضحت أن التقديرات تشير إلى أن مصادر الطاقة المتجددة وحدها سوف تحتاج إلى تريليون دولار سنوياً، وسوف ينعكس ذلك ايجابيا على النمو والوظائف.
وأكدت مديرة الصندوق الدولي، على أننا في حاجة إلى تغير جوهري في النمو والوظائف للحد من تأثير التشتت الاقتصادي والتوترات الجغرافية السياسية، ولا سيما بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا.
وأشارت أن هذه الكارثة لا تقتل الأبرياء وحسب، وإنما هي تفضي كذلك إلى تفاقم أزمة تكلفة المعيشة وتتسبب في مزيد من الجوع في أنحاء العالم، مضيفة مخاطر تمحو مكتسبات السلام التي استمتعنا بها على مدار الثلاثة عقود الماضية وتضيف كذلك المزيد إلى الاحتكاكات القائمة في مجالي التجارة والتمويل.
وقالت مديرة صندوق النقد الدولي، إن التكلفة طويلة المدى التي تنجم عن تشتت التجارة يمكن أن ترتفع وتبلغ 7% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، أي ما يعادل نحو الناتج السنوي لكل من ألمانيا واليابان معاً.
وأضافت أن وصلت خسائر بعض البلدان إلى 12% من إجمالي الناتج المحلي عند إضافة الانفصال التكنولوجي، وتشتت التدفقات الرأسمالية، بما فيها الاستثمار الأجنبي المباشر، وسيسدد ضربة أخرى صوب آفاق النمو العالمي، وقد يصعُب قياس هذه الخسائر المجمعة المتأتية من كل القنوات، ولكن من الواضح أن جميعها يسير في الاتجاه المعاكس.
وأوضحت غورغييفا، أنه يجب أن يسير الأمر على هذا النحو، موكدة أنه في استطاعة البلدان أن تحمي أمنها الاقتصادي والوطني من خلال الاستمرار في التجارة وأن تكون عملية فيما يتعلق بتقوية سلاسل العرض، موضحة أن بحوث الصندوق تنوع سلاسل الإمداد، والتي يمكن أن تقلل الخسائر الاقتصادية المحتملة الناجمة عن اضطرابات العرض إلى النصف.
وأشارت إلى أن هذه التغيرات الجوهرية تكتسب أهمية بالغة في زيادة تنشيط الاقتصاد العالمي، لتوفير فرص أفضل للجميع، ولكن بالنسبة لكثير من البلدان المعرضة للمخاطر، قد يتعذر تحقيقها بدون حصوله على مزيد من المساعدة.
وقالت مديرة الصندوق الدولي إن الحل الثالث لتحسين آفاق النمو على المدى القصير والمتوسط، هو تعزيز التضامن للحد من التفاوتات العالمية.
وأضافت أن الصندوق قدم تمويلاً جديداً بلغ نحو 300 مليار دولار إلى 96 بلدا منذ أن بدأت جائحة كوفيد، وقد ساعد التخصيص التاريخي لحقوق السحب الخاصة بقيمة 650 مليار دولار على زيادة احتياطيات بلداننا الأعضاء.
وأكدت أن التسهيلات الوقائية لدينا توفر هامشاً وقائياً إضافية للبلدان ذات الأساسيات الاقتصادية القوية، حيث تم تقديم أحدها إلى المغرب مؤخراً.
وأشارت مديرة الصندوق الدولي، إلى أنه من خلال الابتكارات في مجموعة أدواتنا بما فيها نافذة مواجهة أزمة الغذاء، والصندوق الاستئماني للصلابة والاستدامة، والتي نساعد بلداننا الأعضاء على التصدي للتحديات الجديدة.
وأضافت أنه تم تكثيف الدعم للبلدان متوسطة الدخل المعرضة للمخاطر، وذلك بوسائل منها زيادة مؤقتة في مقدار المبلغ الذي يمكن للبلد العضو اقتراضه من الصندوق، كما تم تقديم تمويلاً جديداً لبلدان مثل سريلانكا وأوكرانيا.
قالت مديرة الصندوق الدولي، أن من دور الصندوق أن يكون مصدراً للاستقرار في أوقات الاضطراب، بالإضافة إلى أنه من الضروري أن يوفر لأضعف الأعضاء مزيداً من الدعم من البلدان الأغنى.
ونوهت إلى أن هناك نحو 15% من البلدان منخفضة الدخل تعاني بالفعل من حالة المديونية الحرجة، وتتعرض 45% أخرى لارتفاع مواطن الضعف المتعلقة بالديون، كما يواجه حوالي ربع الاقتصادات الصاعدة مخاطر عالية، ويواجه فروقا في أسعار الفائدة على الاقتراض مماثلة للتعثر في السداد.
وأضافت أن صندوق النقد الدولي نظم مع البنك الدولي والهند، اجتماع المائدة المستديرة بشأن الديون السيادية العالمية، وهو يجمع الدائنين من القطاعين العام والخاص، وكذلك المقترضين، للمساعدة على التوصل إلى توافق في الآراء بشأن المعايير والعمليات حتى نتمكن من تعجيل حالات إعادة هيكلة الديون، بما فيها تلك التي تجري في ظل الإطار المشترك لمجموعة العشرين.
وأشارت إلي أن الصندوق يساعد البلدان الفقيرة، حيث قام صندوق النقد الدولي بزيادة الإقراض بدون فوائد بما يزيد على أربعة أضعاف، حيث وصل إلى 24 مليار دولار منذ بداية الجائحة.
ونوهت على أنه يجب على البلدان الأعضاء الأغنى أن تسد النقص المؤقت في تعبئة الأموال من أجل الصندوق الاستئماني للنمو والحد من الفقر التابع على مدى الستة أشهر القادمة، والمساعدة على معالجة النقص في تعبئة الأموال في الصندوق الاستئماني للنمو والحد من الفقر التابع.
وأضافت مديرة الصندوق الدولي، أن مسألة مساعدة البلدان الفقيرة هي مسألة أهمية بالغة لضمان قدرة الصندوق على مواصلة تقديم الدعم الحيوي والمساعدة على تحفيز التمويل من الجهات الأخرى.
وقالت إن الصندوق يعمل هذا العام لاستكمال مراجعة الحصص، وهي الوحدات الأساسية في الهيكل المالي للصندوق، مؤكدة أنه يجب تكثيف التعاون لتقوية الأواصر التي تربط بين الدول وبعضها.