بنك قطر الوطني: عوائد سندات الخزانة انعكاس لأداء الاقتصاد الأمريكي
ربط بنك قطر الوطني QNB بين تغيرات عوائد السندات الخزانة الأمريكية والأداء الاقتصادي في الولايات المتحدة، حيث توفر السندات إشارات تتعلق بمعنويات السوق بشأن سلامة الأوضاع العامة للاقتصاد الأمريكي ومساره المستقبلي.
واعتبر التقرير الأسبوعي لبنك قطر الوطني QNB أن تغييرات عائد السندات عبر المنحنى (الرسم البياني المتعلق بتطور العوائد عبر السنوات) تعد إشارة إلى أن النمو الأعلى سيدفع هذه العائدات إلى الارتفاع، وليس التضخم.
وقال التقرير إن "الاكتساح الجمهوري" غير المتوقع في الانتخابات الأمريكية الأخيرة في نوفمبر 2024، عندما حصل الرئيس دونالد ترامب على تفويض واسع من الناخبين، أدى إلى تحركات كبيرة من فئات الأصول الرئيسية، حيث ارتفعت أسعار الأسهم وقيمة الدولار الأمريكي وعوائد سندات الخزانة الأمريكية بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة.
ولفت التقرير في هذا السياق إلى ارتفاع عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات من 3.6 بالمئة في سبتمبر 2024 إلى 4.8 بالمئة في منتصف يناير 2025، لتصل إلى مستويات قريبة من الذروة التي شوهدت لفترة وجيزة آخر مرة في أكتوبر 2023 وقبل الأزمة المالية العالمية في عام 2007.
وأشار التقرير إلى أن الارتفاع في عوائد السندات لا يقتصر فقط على السندات لأجل 10 سنوات، بل يمتد ليشمل معظم منحنى المدة، مما يؤثر على سوق سندات الخزانة الأمريكية البالغة قيمتها 28 تريليون دولار أمريكي.
وأوضح أن هذا التغير في أسعار السندات يعد مؤشرا رئيسيا لفهم الوضع الاقتصادي الكلي، حيث يعكس التحولات في العوائد تغيرات في توقعات المستثمرين بشأن سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي والنمو الاقتصادي والتضخم.
وفي تحليله للتحركات الأخيرة في أسعار سندات الخزانة، خلص تقرير بنك قطر الوطني QNB إلى استنتاجين رئيسيين. الأول، أن أسواق سندات الخزانة تشير حاليا إلى ارتفاع أسعار الفائدة على المدى القصير أكثر مما كان متوقعا سابقا، مما يعني أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيضطر إلى خفض أسعار الفائدة بشكل طفيف فقط خلال دورة التيسير النقدي الحالية، حيث تبلغ أسعار الفائدة في الوقت الراهن 4.5 بالمئة.
ولفت التقرير إلى أنه قبل بضعة أشهر، كانت سندات الخزانة قصيرة الأجل مسعرة على أساس أنه سيتم إجراء تخفيضات إضافية بمقدار 150 نقطة أساس في أسعار الفائدة الأساسية لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي طوال عام 2025، ولكن التوقعات تشير حاليا إلى تخفيضات تتراوح بين 25 إلى 50 نقطة أساس فقط.
ويشير هذا التغيير إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي لن يتخذ إجراءات جريئة للغاية في تيسير السياسة النقدية، وهذا يسلط الضوء أيضا على أنه من المرجح أن يكون النمو والتضخم أكثر ارتفاعا مما أشارت إليه التوقعات السابقة.
أما الاستنتاج الثاني، فقد نوه التقرير إلى أن منحنى العائد أصبح مسطحا بشكل ملحوظ على المدى الطويل، مما يعكس توقعات بزيادة النشاط الاقتصادي ويرجح احتمالية ارتفاع معدلات النمو في المستقبل، متفوقة على تأثيرات الضغوط التضخمية.
وذكر التقرير أنه يمكن ملاحظة ذلك بشكل أفضل في منحنى العائد لسندات الخزانة لأجل 2-10 سنوات المحمية من التضخم، والذي يزيل آثار التضخم ليعكس بشكل مباشر التغيرات في "الأسعار الحقيقية".
ويشير منحنى العائد الحقيقي متزايد الانحدار -حيث يتحرك عائد السندات لأجل 10 سنوات بشكل أسرع من عائد السندات لأجل سنتين- عادة إلى أن المستثمرين يتوقعون تسارع النشاط في المستقبل.
وأوضح التقرير أنه في الأسابيع الأخيرة لم يقتصر الأمر على زيادة انحدار منحنى العائد، بل أصبح إيجابيا أيضا، حيث ارتفعت عوائد السندات طويلة الأجل مقارنة بالسندات قصيرة الأجل مما يشير إلى أن صدمة الركود التضخمي التي سادت بعد عام 2022 قد انتهت على الأرجح.
وأكد التقرير أن منحنى العائد الحقيقي أصبح إيجابيا حاليا بعد أن كان سالبا في 2023، مما يشير إلى نمو اقتصادي أعلى وتحكم أكبر في التضخم، وهو ما يعكس بيئة نمو مواتية لأول مرة منذ التعافي من جائحة كورونا.