رسائل «First»: ملفات مطروحة على طاولة التشكيل الجديد لمجلس إدارة «المركزي».. التضخم واستقرار العملة الأبرز
First Bank
يواجه التشكيل الجديد لمجلس إدارة البنك المركزي المصري برئاسة حسن عبدالله، مجموعة من التحديات الاقتصادية التي تتطلب توازنًا دقيقًا في السياسات النقدية.
ومن أبرز هذه التحديات السيطرة على معدلات التضخم المرتفعة، ومعالجة تأثير أسعار الفائدة المتزايدة، والحفاظ على استقرار سعر العملة.
ويتطلب النجاح في تحقيق هذه التحديات تكاملًا بين الأدوات النقدية والإصلاحات الاقتصادية، فضلاً عن إقدام مجلس الإدارة الجديد للبنك المركزي على اتخاذ العديد من القرارات الجريئة والسياسات المتكاملة لدعم الاستقرار المالي وتعزيز النمو الاقتصادي.
السيطرة على معدلات التضخم والحفاظ على معدلات فائدة جاذبة للاستثمار
فعلى صعيد معدل التضخم، يُعد أكبر التحديات التي تواجه التشكيل الجديد لمجلس إدارة البنك المركزي، إذ يرتبط بشكل وثيق بالمستوى المعيشي للمواطن وعجلة الإنتاج والتوظيف، حيث سجل التضخم أعلى معدل له خلال العام الجاري في فبراير الماضي بعدما بلغت نسبته 35.1%، مما أثّر بشدة على القوة الشرائية للمواطنين وزاد من تكاليف المعيشة.
وفي ظل الوضع الراهن، يُعد خفض التضخم أولوية قصوى في أجندة المجلس الجديد للبنك المركزي، والذي يستهدف تحقيق معدلات تضخم أكثر استقرارًا، وفق مستهدفات الدولة التي تشير لخفض المعدل إلى 7% ±2% بحلول نهاية عام 2024، و5% ±2% خلال الربع الرابع من 2026.
ويتطلب تحقيق هذه الأهداف سياسات نقدية متوازنة، تشمل التحكم في السيولة النقدية بالسوق، من خلال توجيه أسعار الفائدة بما يساهم في كبح التضخم ودعم النمو بالنشاط الاقتصادي، إذ أصبح تحديد سعر الفائدة أداة حيوية بيد البنك المركزي لتحقيق هذا التوازن.
وأدت معدلات التضخم المرتفعة في مصر إلى دفع البنك المركزي نحو إتباع سياسة انكماشية، حيث قام برفع أسعار الفائدة بنحو 800 نقطة أساس خلال العام الجاري لتستقر عند 27.25% للإيداع و28.25% للإقراض، ومن هنا يبرز التحدي الاصعب لمجلس إدارة المركزي، فمن جهة فهذه المعدلات تُسهم في احتواء التضخم عبر ضغط المعروض النقدي في السوق المصري، ومن جهة أخرى فهي ترفع تكلفة الإقتراض على المستثمرين مما يضعهم أمام تحدياً كبيراً
وساهمت الزيادة في أسعار الفائدة، في ارتفاع أعباء خدمة الدين المحلي مما شكل تحديًا آخر أمام البنك المركزي، حيث يضغط ذلك على الحكومة بزيادة تكلفة الاقتراض.
ومع بدء تراجع معدلات التضخم في الآونة الأخيرة اتجه البنك المركزي نحو تثبيت سعر الفائدة على مدار آخر 5 إجتماعات للجنة السياسة النقدية، وقد يكون تعديل نسبة أداء الاحتياطي الإلزامي للبنوك مطروحة على طاولة التشكيل الجديد لمجلس إدارة المركزي المصري كوسيلة فعّالة للتحكم في السيولة ودعم استقرار السوق دون التأثير المباشر على تكلفة الاقتراض.
استقرار سعر الصرف والحفاظ على احتياطيات النقد الأجنبي عند مستويات مرتفعة
أما على صعيد استقرار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية الرئيسية، تبرز تحديات كبيرة أمام التشكيل الجديد لمجلس إدارة البنك المركزي، إذ يتطلب ذلك الاستقرار استمرار القضاء الكامل على السوق الموازية للعملة، ويأتي ذلك من خلال المرونة الكاملة في سعر الصرف وارتباطه بقوانين العرض والطلب دون أي تدخلات خارجية، مما يمنع ظهور هذا السوق مجددًا.
وتعتمد هذه الاستراتيجية على توافر الدولار بكميات كبيرة داخل البنوك لدعم طلبات المستثمرين وتلبية كافة احتياجاتهم، والمساهمة في خفض تكاليف الاستيراد والسيطرة على التضخم، ويرتبط ذلك بتطبيق إصلاحات هيكلية لتحفيز الإنتاج المحلي وزيادة الصادرات، مما يدعم وجود بيئة اقتصادية أكثر استقرارًا للمستثمرين داخل السوق المحلي.
وعلى الرغم من ارتفاع الاحتياطيات الدولية إلى 46.94 مليار دولار بنهاية أكتوبر 2024، مقارنة بـ 35.22 مليار دولار بنهاية 2023، إلا أن «ملف تعزيز احتياطي النقد الأجنبي» يُعد أحد أهم الملفات المطروحة أمام مجلس إدارة البنك المركزي خلال الفترة القادمة، وذلك لتعزيز استقرار سعر الصرف، وزيادة الإيرادات من النقد الأجنبي عبر تعزيز الصادرات، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والتوسع في اتفاقيات التمويل مع المؤسسات الدولية.
كما أن إدارة الاحتياطيات الدولية تتطلب كفاءة عالية في موازنة استخدامها لتغطية الواردات وسداد الديون الخارجية، مع الحرص على استقرار سوق الصرف وتجنب تفاقم الأزمات النقدية، حيث تُمثل حجر الزاوية لاستقرار الاقتصاد المصري وقدرته على مواجهة الأزمات المالية الخارجية.
تعزيز الشمول المالي والتوسع الجغرافي والرقمي للبنوك
وفي ظل التحديات المتعلقة بالتضخم المرتفع وأسعار الفائدة المتزايدة، تبرز أهمية تعزيز الشمول المالي والذي يُعد وسيلة فعالة لتخفيف العبء الاقتصادي على المواطنين، ولذلك يُمثل أحد الأهداف المحورية لمجلس الإدارة الجديد بالبنك المركزي، نظراً لدوره الحيوي في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتعزيز الوعي المالي لدمج أكبر عدد من العملاء والشركات الصغيرة في المنظومة المالية، لتوسيع قاعدة المشاركين في النظام المالي الرسمي.
وقد شهد البنك المركزي توسعًا ملحوظًا في الخدمات الرقمية مؤخرًا، إلا أن تعزيز الشمول المالي يتطلب مزيدًا من الجهود، لدعم التوسع الجغرافي خاصةً بالمناطق النائية ومحافظات الوجه القبلي وصعيد مصر، حيث أنه يوجد لكل 22.6 ألف مواطن وحدة مصرفية واحدة، وهي نسبة مرتفعة جداً، ولذلك تحتاج البنوك للعمل بالتوازي على تطوير خدماتها الرقمية دون إغفال التوسع الجغرافي لتحقيق تغطية مصرفية شاملة.