شهدت معدلات التضخم في مصر ارتفاعا قياسيا خلال العامين الماضيين وبدأت رحلة صعودها منذ مارس 2022 حيث سجل التضخم

البنك المركزي المصري,جائحة كورونا,معدلات التضخم,رسائل First,قانون البنك المركزي



رسائل «First»: خفض أسعار الفائدة قرار صائب محتمل على طاولة اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل

FirstBank

شهدت معدلات التضخم في مصر ارتفاعًا قياسيًا خلال العامين الماضيين، وبدأت رحلة صعودها منُذ مارس 2022، حيث سجل التضخم العام 10.4% والتضخم الأساسي 10%، وبلغت معدلات التضخم العامة ذروتها في سبتمبر 2023 بنسبة 38%، بينما وصل التضخم الأساسي إلى 41% في يونيو 2023.

وأتت تلك الزيادات كنتيجة للأزمات العالمية والحروب التي ألقت بظلالها السلبية على الاقتصاد المصري، بدءًا من جائحة كورونا وأزمة سلاسل التوريد، والحرب الروسية الأوكرانية، وصولًا إلى تبعات العدوان الإسرائيلي على غزة، خاصة اضطرابات البحر الأحمر، التي أعلن صندوق النقد الدولي مؤخرًا أنها حرمت مصر من 75% من عائداتها الدولارية.

وبحسب قانون البنك المركزي رقم 194 لسنة 2020، يلتزم البنك المركزي المصري بتحقيق استقرار الأسعار في السوق المحلي كأحد أهدافه الرئيسية، وذلك في إطار السياسة الاقتصادية العامة للدولة، وفي إطار ذلك لجأ لتحويل إطار سياسته النقدية إلى نظام مرن لاستهداف التضخم حيث تعمل توقعات التضخم كهدف وسيط.

وقام البنك المركزي المصري بتشديد السياسة النقدية للحد من التضخم من خلال رفع أسعار الفائدة الأساسية بنسبة إجمالية بلغت 19%، أي ما يعادل 1900 نقطة أساس.

كما إنتهج البنك المركزي عددًا من السياسات التشديدية الأخرى لكبح جماح التضخم، والتي تضمنت زيادة نسبة متطلبات الاحتياطي القانوني في سبتمبر 2022 من 14% إلى 18% لتكملة موقف تشديد السياسة النقدية، كما تم تعزيز هذه السياسة من خلال وقف برامج الإقراض المدعومة (مبادرات البنك المركزي) وزيادة حجم استيعاب السيولة.

وفي ضوء إقتراب اجتماع لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي لبحث أسعار الفائدة، المقرر عقده الخميس الموافق 18 يوليو الجاري، ما هو الحل الأمثل في ظل الأوضاع الراهنة؟!

في الواقع، لا يُعد استمرار أسعار الفائدة المرتفعة حلًا جيدًا في الوقت الراهن، نظرًا لأنها باتت عبئًا كبيرًا على الدولة وأصحاب الأعمال خاصة في ظل وصولها لمستويات قياسية، ما قد ينعكس سلبًا على معدلات نمو الناتج الحقيقي للبلاد.

وبالتالي وفي ضوء المتغيرات الاقتصادية الحالية فمن الواجب أن ينظر المركزي في قرار تخفيض أسعار الفائدة في اجتماع اللجنة المقبل وذلك في ضوء عدة اعتبارات أهمها:

التحسن الملحوظ في بعض المؤشرات الاقتصادية خاصة التضخم، حيث تراجع معدل التضخم السنوي الأساسي إلى 27.1% في مايو الماضي، مقابل 34.2% في ديسمبر 2023، انخفض معدل التضخم العام إلى 27.4% بنهاية مايو 2024، مقارنة بـ35.2% بنهاية العام الماضي.

النمو المتباطئ الذي حققه المعروض النقدي خلال الشهور الماضية، والذي كان فعالا بعض الشئ في السيطرة على التضخم، ووفق بيانات البنك المركزي؛ فإن حجم المعروض النقدي ارتفع إلى 2.570 تريليون جنيه بنهاية مايو الماضي، مقابل 2.370 تريليون جنيه بنهاية عام 2023، كما سجل النقد المتداول خارج الجهاز المصرفي 1.197 تريليون جنيه بنهاية مايو 2024، مقابل 1.068 تريليون جنيه بنهاية 2023.

تمكن البنك المركزي المصري من ضبط سوق الصرف الأجنبي والقضاء على ظاهرة السوق السوداء، حيث كان أحد أهداف التحريك الأخير للفائدة بنحو 600 نقطة أساس هو تحفيز الأفراد على التنازل عن الدولار وتحويله إلى ودائع محلية مرتفعة العائد، وقد تحقق هذا الهدف بنسبة كبيرة.

تخفيض الأعباء المالية التي تتحملها الدولة في الاستدانة المحلية من أجل سد عجز الموازنة.

تشجيع الاستثمار نسبيا في اتخاذ قرارات التمويل لتنفيذ توسعاته الاستثمارية التي تم تجميد بعضها نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار الفائدة وبالتبعية في تكلفة التمويل.

مازال البنك المركزي يمتلك أدوات فعالة أخرى يمكن اللجوء إليها للسيطرة على مستويات المعروض النقدي وبالتبعية السيطرة على التضخم مثل عمليات السوق المفتوحة والاحتياطي القانوني للبنوك والتي يمكنها المساعدة في مكافحة التضخم دون تحميل المستثمرين والدولة بأعباء مالية إضافية.