قطوف: محمود العربي.. رجل الأعمال الذى أسس قلعة صناعية مصرية
ياسمين السيد
محمود العربي، الملقب بشهبندر التجار، واحدًا من أبرز رجال الأعمال العصامين، بدأ رحلته من الصفر، حتى أصبح واحداً من كبار رجال التجارة والصناعة والاقتصاد، أحبه أغلب المصريين سواء من خلال التعرف إلى شخصيته المصرية الأصيلة عن قرب، او استخدامهم لأي من منتجات شركاته.
وُلد في محافظة المنوفية، وقد عانى في عمر صغير، مرار فقد الأب، ولم يحصل على أي درجة تعليمية، وتوقف تعليمه عند الرابعة الإبتدائية.
بدأ محمود العربي حياته التجارية مبكراً، فأثناء فترة طفولته وصغره إستخدم مصطبة منزلهم كأول متجر له يبيع فيه لعب الأطفال البسيطة فى العيد، وأصبح يدخر ثمن البيع والأرباح ليشتري ألعاب أخري يبيعها، وفيما بعد إصطحبه أخوه للعمل فى القاهرة، حيث عمل فى منطقة الموسكي كبائع فى محل وانتقل من محل إلى أخر.
وسعي للاستقلال بنفسه في التجارة، لكن لم يكن لديه ما يبدأ به، ففكر هو وزميل له بنفس العمل، أن يتشاركوا مع شخص ثري، على أن تكون مساهمته هو وصاحبه بمجهودهما، بينما يساهم الطرف الثاني بأمواله، وكان رأس مال المشروع 5 آلاف جنيه، وهكذا أصبح لديه أول محل بمنطقة "الموسكي" بالقاهرة، والذى مازال محتفظًا به حتى الآن.
مرض صديقه وشريكه بعد أن بدأ عمله الجديد بثلاثة أيام فقط، أدار خلالها المحل بمفرده ونمت تجارته بسرعة كبيرة فحقق محله أرباحاً تفوق أرباح 10 محلات مجتمعة واشتهر العربي بأمانته وهى سر نجاحه المنقطع النظير.
واستمرت الشراكة عامين، ولكن تخللها خلاف حول إخراج الشريك الثالث المريض، وهو ما اعترض عليه محمود العربي، وفي النهاية فضت الشركة، وكان المحل من نصيب الشريكين الآخرين.
أشتري هو وشريكه محلًا آخر، وعاد الشركاء القدامى ليعرضوا عليه محلهم مرة أخرى، وبذلك أصبح يمتلك محلين بدلًا منذ محل واحد ومعه أبناء شريكه المريض، ثم جاء بإخوته جميعًا ليعملوا معه، بعد أن توسعت تجارته، ونجحت الشركة وحولها إلى شركة مساهمة.
كانت تجارته تقوم أساسًا على الأدوات المكتبية والمدرسية، ولكن الحكومة قررت في الستينات صرف المستلزمات المدرسية للتلاميذ بالمجان، فإستبدلها بتجارة الأجهزة الكهربية، خاصة أجهزة التليفزيون و الراديو والكاسيت.
وهو ما دفعه لتحويل تجارته بالكامل إلى الأجهزة الكهربائية في منتصف السبعينات مع إنطلاق سياسة الانفتاح الاقتصادي، وفكر في الحصول على توكيل لإحدى الشركات العالمية، لكن وجود الأدوات المكتبية في محلاته كان يقف حائلًا دون ذلك، إلى أن تعرف على أحد اليابانيين الدارسين بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وكان دائم التردد على محلاته، وكان هذا الشخص الياباني يعمل لدى شركة توشيبا اليابانية، فكتب تقريرًا لشركته، أكد فيه أن «العربي» هو أصلح من يمثل توشيبا في مصر، فوافقت الشركة على منحه التوكيل.
زار محمود العربي اليابان، ورأى مصانع الشركة التى حصل على توكيلها، وطلب من المسؤولين فيها إنشاء مصنع لتصنيع الأجهزة الكهربائية في مصر وهو ما تم فعلا، على أن يكون المكون المحلي من الإنتاج 40% رفعت لاحقا إلى 60% ثم 65% حتى وصلت إلى 95%، ومع تطور الإنتاج أنشأ شركة "توشيبا العربي" عام 1978.
أنتخب عام 1980 عضوًا بمجلس إدارة غرفة القاهرة، واختير أمينًا للصندوق، ثم انتخب رئيسًا لإتحاد الغرف التجارية عام 1995.
حصل على أرفع وسام ياباني على الإطلاق، وهو وسام الشمس المشرقة، من الإمبراطور الياباني شخصياً ، وذلك لدوره في دعم العلاقات اليابانية المصرية.
غاب محمود العربي عن عالمنا عام 2021 ، عن عمر يناهز 89 عاماً، لكن تظل رحلة كفاحه وعصاميته قدوة للأجيال وتأكيدًا لقيمة العمل والاجتهاد باعتبارهما الطريق الوحيد لتحقيق النجاح.