كبار محافظي البنوك المركزية في العالم يأكدون ضرورة إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لاحتواء التضخم
شدد كبار محافظي البنوك المركزية في العالم على ضرورة إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لحين احتواء التضخم، وجاء ذلك في اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي السنوي في جاكسون هول بولاية وايومنغ، يوم الجمعة الماضية، وفقاً لموقع بلومبرج الشرق.
وأشار كل من لجيروم باول رئيس المجلس، وكريستين لاغارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي، إلى التحديات التي يواجهها كل منهما في اتخاذ قرار بشأن ما إذا كان ينبغي عليهما تمديد السلسلة التاريخية من زيادات أسعار الفائدة التي بدأت العام الماضي، ولم يؤكدا إذا كانا سيتم رفع الفائدة مرة أخرى أم لا خلال الأشهر المقبلة.
وأوضح بن برودبنت نائب محافظ بنك إنجلترا، في حلقة نقاشية على هامش المؤتمر الذي استضافه بنك الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي يوم السبت الماضي، إنه ربما يتعين رفع أسعار الفائدة البريطانية أكثر، في حين أكد كازو أويدا محافظ بنك اليابان مجددًا على استمرار الحاجة إلى معدلات منخفضة في بلاده.
وقد كان الموضوع الرئيسي للمؤتمر هو "الصعوبات في التكيف مع القوى الخارجة عن سيطرة السلطات النقدية"، والذي برز من وقائع المؤتمر الرسمية والمحادثات التي جرت على هامشه، حيث ناقش الحاضرون موضوعات تشمل الإنتاجية والابتكار، وهيكل سوق السندات، وسلاسل التوريد العالمية، وارتفاع مستويات الدين العام.
وقالت كريستين فوربس، أ.الاقتصاد في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وعضو لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا سابقًا: "نعلم جميعًا بأهمية هذه التحولات الهيكلية التي سمعنا عنها، وإنه لا يسع البنوك المركزية فعل الكثير إزاء هذا الوضع"، مشيرة إلى تغير معايير وضع السياسة النقدية، مما يجعل من الصعب للغاية أن تؤتي ثمارها.
ويجري البنكان المركزيان الأميركي والأوروبي مناقشات مماثلة بشأن ما إذا كان من الواجب عليهما رفع تكاليف الاقتراض في اجتماع السياسة لكل منهما والمقرر انعقاده الشهر المقبل، حتى مع مفاجأة الاقتصاد الأميركي الجميع بما يتمتع به من متانة بينما يتجه الاقتصاد الأوروبي نحو التباطؤ على ما يبدو.
ويشكل التضخم المستمر في كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وعدم اليقين بشأن مدى سرعة انحساره التحدي المشترك.
هذا، وقد اتسم "باول" بالغموض في خطابه بشأن ما إذا كان الاحتياطي الفيدرالي سيرفع سعر الفائدة القياسي مرة أخرى، رغم تحذيره من أن الدلائل الإضافية على استمرار النمو أعلى من المعتاد بما يمكن أن يعرض للخطر المزيد من التقدم المحرز على طريق الحد من التضخم ويمكن أن يستدعي زيادة تشديد السياسة النقدية.
وطالب باتريك هاركر، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا، وماريو سينتينو محافظ بنك البرتغال، الجانب المعاكس، باتباع نهج حذر ريثما يقيمون تأثير الزيادات السابقة.
نذا، وقد دفعت متانة الاقتصاد الأميركي المستثمرين والاقتصاديين إلى مناقشة ما إذا كان سعر الفائدة المحايد "حيث لا تؤدي السياسة النقدية إلى إبطاء الاقتصاد أو تسريعه" قد تحول لأعلى، وهو ما يعني أن صناع السياسة بحاجة إلى رفع أسعار الفائدة بشكل أكبر للحد من التضخم.
ورغم تلك التوقعات، أكد "باول" أن صناع السياسات لا يمكنهم تحديد السعر على وجه اليقين، وكان هذا خروجًا عما حدث في ندوة العام الماضي، عندما قال بعض الاقتصاديين إن الاقتصادات المتقدمة تدخل واقعاً جديدًا، وبالتالي يجب رفع سعر الفائدة المستهدف لمراعاة ذلك.
وقالت كاثرين روس، أ. الاقتصاد بجامعة كاليفورنيا في ديفيس، التي أدارت نقاشًا عن ورقة بحثية حول سلاسل الإمداد: "عندما تبدأ في إدخال هذا النوع من التوتر في العلاقات، فإنها ستجعل قطاعات كبيرة من الاقتصاد أقل حساسية للسياسة النقدية".
وأضافت أن هذه الاتجاهات الناشئة في التجارة تجعل الاقتصادات أقل مرونة في مواجهة الصدمات غير الجيوسياسية وتزيد من الحاجة إلى الاستقرار من خلال السياسة النقدية، مضيفة "أعتقد أن هناك تحديات كبيرة حقاً أمام السياسة النقدية إذا واصلنا نحن والدول الأخرى ذلك النهج".
كما يواجه صناع السياسات عجزًا متضخمًا في الميزانيات، بما في ذلك تأثيره على أداء سوق الخزانة. وقد أدت اضطرابات السوق خلال الأيام الأولى لجائحة كورونا إلى زيادة دعوات صناع السياسات والاقتصاديين لإصلاح البنية التحتية واللوائح التنظيمية.
وقالت "لاغارد": "نحتاج إلى مواصلة السعي لتحسين صورتنا على المدى المتوسط، يجب أن نكون واضحين أيضًا بشأن حدود ما نعرفه حاليًا وما يمكن أن تحققه سياستنا. إذا أردنا الحفاظ على مصداقيتنا أمام الجمهور، فسنحتاج إلى التحدث عن المستقبل بطريقة تعكس بشكل أفضل حالة عدم اليقين التي نواجهها".