السيسي يؤكد اهتمام مصر بتعزيز التعاون المشترك مع دول العالم خلال قمة المناخ
أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال كلمته بالجلسة الافتتاحية لقمة المناخ "COP27" المنعقدة اليوم بمدينة شرم الشيخ، على اهتمام مصر بالعمل مع باقي قيادات دول العالم من أجل تعزيز قيم التعاون والعمل المشترك في شتى المجالات.
وقال، إننا نجتمع معا اليوم للتباحث بشأن إحدى أكثر القضايا العالمية أهمية وإلحاحاً، وهي مواجهة تغير المناخ من خلال أعمال الدورة الـ27 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ COP27، الذي ينعقد في دورته الحالية بمدينة شرم الشيخ.
وأشار إلى أن مدينة شرم الشيخ، هي أولى المدن المصرية التي تعرف طريقها نحو التحول الأخضر، والتي تتعلق بها أنظار وعقول الملايين حول العالم لمتابعة وقائع مؤتمرنا.
تابع، وهو ما سيسفر عنه من نتائج تساهم في تحول مصائر ملايين البشر نحو الأفضل، وفي خلق بيئة نظيفة ومستدامة ومناخ أكثر استجابة لمتطلبات الشعوب وظروف مواتية للحياة والعمل والنمو، دون إضرار بموارد عالمنا التي يتعين العمل على تنميتها واستثمارها وجعلها أكثر استدامة.
وأضاف، هناك الملايين التي تتابعنا اليوم يشتركون في مصير وهدف واحد، منهم من يتواجدون معنا هنا، ومنهم من هم خارج هذه القاعات يطرحون أسئلة يتعين علينا أن نسألها لأنفسنا قبل أن توجه إلينا: هل نحن اليوم أقرب إلى تحقيق أهدافنا من عام مضى؟ هل استطعنا خلال عام منصرم أن نتحمل مسئولياتنا كقادة للعالم في التعامل مع أخطر قضايا القرن وأشدها تأثيراً؟.
وتابع، أن السؤال الأهم الذي يتعين أن نوجهه لأنفسنا: هل ما نطمح إلى تحقيقه من أهداف يقع في نطاق الممكن؟ بلا شك إنه ليس مستحيلاً، ولكن إذا توافرت الإرادة الحقيقية والنية الصادقة لتعزيز العمل المناخي المشترك، وترجمة ما يصدر عن اجتماعاتنا من نتائج إلى واقع ملموس.
وأكد أن الحضور جميعاً متواجدون اليوم من أجل الإجابة على تلك الأسئلة، والرد على شواغل الملايين حول العالم الذين يعانون الآن أكثر من أي وقت مضى من كوارث مناخية تتسارع وتيرتها وتزداد حدتها على نحو غير مسبوق يوما بعد يوم في شتى أنحاء كوكبنا.
وأشار إلى أنه ما تلبث أن تنتهي كارثة في مكان ما حتى تبدأ أخرى في مكان آخر، مخلفة وراءها آلاف الضحايا والمصابين والنازحين، ومسببة خسائر مادية بالمليارات، وكأن العالم قد أصبح مسرحاً لعرض مستمر للمعاناة الإنسانية في أقسى صورها، مؤكداً أن هنا علينا أن نتوقف لنطرح نحن على أنفسنا تساؤلاً ملحاً: أما آن لهذه المعاناة أن تنتهي؟
وأكد على أن ما يحتاجه عالمنا اليوم لتجاوز أزمة المناخ الراهنة، وللوصول إلى ما توافقنا عليه كأهداف في اتفاق باريس، يتجاوز مجرد الشعارات والكلمات، وأن ما تنتظره شعوب اليوم هو التنفيذ السريع والفعال والعادل.
كما أوضح أن ما يتوقعه شعوب العالم هو خطوات حقيقية وملموسة نحو خفض الانبعاثات وبناء القدرة على التكيف مع تبعات تغير المناخ، وتوفير التمويل اللازم للدول النامية التي تعاني أكثر من غيرها من أزمة المناخ الراهنة.
وأستكمل، من هذا المنطلق؛ فلقد حرصنا على تسمية هذه القمة "قمة التنفيذ"، وهو الهدف الذي يجب أن تتمحور حوله كافة جهودنا ومساعينا، وعلى الرغم من كافة التحديات التي واجهناها خلال الفترة الماضية ولا نزال نواجهها.
تابع، فضلاً عن جميع العوامل التي أعلم أنها تلقي بظلال من الشك وعدم اليقين إزاء قدرتنا على الوصول إلى أهداف اتفاق باريس وحماية كوكبنا من مستقبل يصل فيه ارتفاع درجات الحرارة إلى درجتين ونصف بل ثلاث درجات مئوية.
وأضاف، على الرغم من ذلك كله، فإن هناك شواهد وعوامل أخرى تدعونا إلى التمسك بالأمل في قدرة البشرية على صنع مستقبل أفضل لأجيال قادمة لا يجب عليها أن تتحمل نتائج أخطاء لم ترتكبها.
وأكد أن الشعوب باتت أكثر وعياً ودراية بحجم التحدي ومتطلبات مواجهته وبالثمن الباهظ للتقاعس أو التراجع، والأمل أيضاً في حكومات تعلم ما يتعين عليها القيام به، وتسعى بالفعل إليه وفقاً لقدراتها وإمكانياتها، وفي قطاع أعمال عالمي ومجتمع مدني أصبح يمتلك من الأدوات ما يؤهله للعب أدوار مهمة في هذا الإطار.
ولفت إلى أنه تم وضع مصر نصب الأعين لتحقيق أهدافاً طموحة، عبرنا عنها في استراتيجية مصر الوطنية لمواجهة تغير المناخ، ونعمل بدأب على الإسراع من وتيرة التحول الأخضر من خلال التوسع في الاعتماد على الطاقة المتجددة والنقل النظيف.
وأكد على اتخاذ الدولة خطوات ملموسة نحو إحداث تحول هيكلي في القوانين والتشريعات وآليات العمل الحكومية بما يساهم في تعزيز الاستثمارات الخضراء.
كما تابع، لعل البرنامج الوطني للاستثمار في مشروعات المياه والطاقة والغذاء "نوفي" الذي أطلقته مصر مؤخراً هو تجسيد لهذا الطموح وهذا التوجه.
وأكد إن ما تشهده مصر اليوم من تحول نحو الاقتصاد الأخضر منخفض الانبعاثات في كافة المجالات هو ترجمة عملية لما نادينا وننادي به من ضرورة التنفيذ الفعلي على الأرض، وخير دليل على أن الأمل في التغلب على تحدي تغير المناخ لا يزال قائماً إذا ما توافرت الإرادة والعزيمة.
وأضاف "السيسي"، لعلكم تتفقون معي أنه إذا كنا نرغب حقيقة في السير معاً نحو مستقبل نضمن فيه أن تبقى درجات الحرارة عند مستوى ما دون الدرجتين مئوية، وإذا كنا بالفعل عازمين على صنع مستقبل للجميع وبالجميع، فإن واجبي يحتم على أن أصارحكم ببعض الشواغل التي لابد ألا نغفلها أو نتناسى وجودها، وهي أن قدرتنا كمجتمع دولي على المضي قدماً بشكل موحد ومتسق نحو تنفيذ التزاماتنا وتعهداتنا وفقاً لاتفاق باريس إنما هي رهن بمقدار الثقة التي نتمكن من بنائها فيما بيننا.
وأشار إلى إنه من الضروري أن تشعر كافة الأطراف من الدول النامية، خاصةً في قارتنا الأفريقية، أن أولوياتها يتم التجاوب معها وأخذها في الاعتبار، وأنها تتحمل مسئولياتها بقدر إمكانياتها وبقدر ما تحصل عليه من دعم وتمويل مناسب.
تابع، وذلك وفقاً لمبدأ المسئولية المشتركة متباينة الأعباء، بما يتيح لها درجة من الرضا والارتياح إزاء موقعها في هذا الجهد العالمي لمواجهة تغير المناخ، وإن ذلك لن يتأتى سوى من خلال تهيئة مناخ من الثقة المتبادلة يكون محفزاً وداعماً لمزيد من العمل البناء.
وأوضح أنه لن يتأتى أيضاً بدون قيام الدول المتقدمة بخطوات جادة إضافية للوفاء بالتعهدات التي أخذتها على نفسها في تمويل المناخ ودعم جهود التكيف والتعامل مع قضية الخسائر والأضرار الناجمة عن تغير المناخ في الدول النامية والأقل نمواً على نحو يضمن صياغة مسارات عملية لتحقيق الانتقال المتوازن نحو الاقتصاد الأخضر، ويراعي الظروف والأوضاع الخاصة لهذه الدول.
وأضاف، إن وجودكم هنا اليوم هو في حد ذاته رسالة تأكيد على الاهتمام الذي تولونه لعمل المناخ العالمي، والذي أرجو أن ينعكس في اتساق مواقف دولكم مع عنوان قمتنا، وهو: "التنفيذ" وأتوجه اليوم إليكم مناشداً أن تكون رسائلكم إلى العالم، الذي يتوقع منا الكثير، رسائلاً واضحةً تتضمن خطوات محددة لتنفيذ الالتزامات والتعهدات.
كما اقترح الرئيس الإعلان عن المزيد من المساهمات المحددة وطنياً، ورفع طموح استراتيجية قادة العالم لخفض الانبعاثات، وإطلاق مبادرات طموحة وفعالة تجمع كافة الفاعلين حول أهداف واضحة في التكيف والتمويل، ومتابعة تنفيذ ما تم إطلاقه من مبادرات في السابق، والانضمام إلى المبادرات الجديدة التي تعتزم مصر إطلاقها على مدار أيام المؤتمر.
وأشار إلى أن الأهم من ذلك كله، أن تكون توجيهات القادة لمفاوضيهم الذين يستعدون الآن لبدء أسبوعين من المفاوضات الهامة، هي التحلي بالمرونة والعمل على بناء الثقة والتوافق للخروج بالنتائج التي أعلم أنكم كقادة للعالم تريدون الخروج بها من هذا المؤتمر.
ونوه إلى أن العمل والقدرة على الفعل هما أمل المستقبل، مؤكداً أن الكثير من دول العالم استطاعت على مدار عام مضى أن تكون نماذجاً مضيئةً لهذا العمل وهذه القدرة، وما زالت ماضية نحو الأمام في تنفيذ تعهداتها والتزاماتها بالرغم من كافة الصعاب.
كما أوضح أن الوقت يداهمنا، وأن نهاية هذا العقد الحاسم باتت على بعد سنوات قليلة يجب علينا أن نستغلها لنحسم خلالها هذه المعركة على النحو الذي نريده ونرتضيه.
فيما أكد على أن الوقت الراهن هو وقت العمل والتنفيذ، ولا مجال للتراجع أو التذرع بأي تحديات لتبرير ذلك، حيث أن ضياع الفرصة هو إضاعة لإرث أجيال المستقبل من أبنائنا وأحفادنا.