بنك قطر الوطني يتوقع ارتفاع أسعار النحاس بدعم من تقييم الدولار
توقع بنك قطر الوطني QNB ارتفاع أسعار النحاس في السنوات المقبلة، بدعم من التعديل المتوقع لتقييم الدولار الأمريكي، والانخفاض النسبي للأسعار، وتفوق الطلب على العرض.
وقال البنك في تقريره الأسبوعي إن السلع تعتبر أحد ركائز الاقتصاد العالمي، وهي ضرورية للأنشطة المادية الملموسة، كالنقل، وإنتاج السلع المصنعة، حيث يلعب النحاس، باعتباره المعدن الأساسي الأكثر تداولا، دورا بارزا في مزيج السلع الأساسية، فهو موصل فعال للكهرباء، وهذا أمر بالغ الأهمية لمجموعة واسعة من الصناعات، بما في ذلك البناء، والعقارات، والبنية التحتية، والسيارات، والسلع البيضاء.
وأضاف التقرير، تعد أسعار النحاس مؤشرا مفيدا للتنبؤ بوجهة الاستثمارات ودورة الأعمال، وتوفر رؤى كلية عالية الجودة، لذلك يعتمد المستثمرون والمحللون عليها لتحديد الاتجاهات العامة للاقتصاد.
وأشار إلى أن أسعار النحاس تحوم مجددا حول أعلى مستوى لها على الإطلاق، عند نطاق يتراوح بين 4.1 و4.6 دولار للرطل، وهو المستوى الذي تم تسجيله بعد الأزمة المالية العالمية، وطفرة الاستثمار التي أعقبت الجائحة، وهذا يطرح تساؤلات عما إذا كانت أسعاره مرتفعة أكثر مما ينبغي، أو تتطلب تصحيحا، أو ستتجه لمزيد من الارتفاع نحو مستويات أعلى بكثير لفترة أطول.
ورغم أن أسعار النحاس بلغت حاليا أعلى مستوياتها التاريخية، فهي معرضة للتقلب، فضلا عن تأثير الرياح المعاكسة والرياح الدافعة ذات الصلة، وفيما يتعلق بالرياح المعاكسة، فإن تأثر الطلب على النحاس سلبا بتباطؤ التوسع العمراني والمشاكل المرتبطة بالقطاع العقاري الصيني أمر مهم، ففي مطلع العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حتى نهاية التعافي من الأزمة المالية العالمية، كان النمو القوي في الصين العامل الأكثر أهمية في دعم ارتفاع أسعاره، ولكن في السنوات الأخيرة، كانت هناك عوامل أخرى سائدة، يتوقع أن توفر بيئة مواتية لارتفاع الأسعار على المدى الطويل.
وحدد التقرير 3 عوامل من شأنها أن تدعم ارتفاع أسعار النحاس، في السنوات المقبلة، وهي: أولا، تشير العديد من مقاييس الأسعار النسبية إلى أن هناك مجالًا كبيرًا لارتفاع أسعار النحاس في المستقبل، والتي انخفضت بنسبة 23%، من حيث القيمة الحقيقية، منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، مقابل المكاسب الحقيقية للمعادن الأخرى، كالذهب، والبلاديوم، والفضة.
ويتوافق أداء النحاس بشكل أكبر مع الأداء العام لمؤشرات السلع الرئيسة، التي تراجعت بشكل كبير أيضا مع الانخفاضات الحقيقية في أسعار الطاقة.
ثانيا، تشير الأسس الرئيسة إلى فترات طويلة من نقص النحاس على المدى المتوسط والطويل، ومن شأن ذلك أن يدفع الأسعار للارتفاع، وعلى جانب الطلب، يتوقع أن تتضاعف الاحتياجات المادية للنحاس من المستويات الحالية إلى أكثر من 50 مليون طن متري خلال العقد المقبل.
ويرجع ذلك إلى التوقعات القوية المرتبطة بـ"الأجندة الخضراء"، مثل الزيادة في المعروض من السيارات الكهربائية، وإنشاء البنية التحتية الجديدة للطاقة، ومشاريع الطاقة المتجددة، والتي تعتمد جميعها على استهلاك النحاس بكثافة، كونه معدنا يتمتع بخصائص فريدة للتوصيل الكهربائي، وعليه سيلعب دورا في إنجاز مشاريع الطاقة النظيفة.
في المقابل، يتوقع أن يكون نمو العرض محدودا في السنوات المقبلة، فقد تم تقليص المخزونات إلى مستويات منخفضة تاريخيا، حيث استمر الإنفاق الرأسمالي على قطاع التعدين في الانخفاض مقارنة بإجمالي مبيعات النحاس.
بينما ظلت شركات مناجم النحاس الرئيسة مترددة في زيادة النفقات الرأسمالية على مشاريع الاستكشاف، بسبب طول فترة إصدار التراخيص والأعباء التنظيمية، وتأميم الموارد في بلدان الإنتاج، ومطالبة المساهمين بمزيد من الانضباط الرأسمالي. ونتيجة لذلك، سيستغرق العرض وقتا طويلا لتلبية الطلب الوارد، وهو ما سيفضي إلى ارتفاع الأسعار.
ثالثًا، يرجح أن تلعب تحركات أسعار صرف العملات الأجنبية دورها في دعم أسعار النحاس، التي ترتبط ارتباطا عكسيا بقيمة الدولار، حيث ترتفع عندما تنخفض قيمة الدولار والعكس.
ويشير تقييم الدولار إلى أن هناك مبالغة في تقييمه بحوالي 9%، الأمر الذي يتطلب تعديلا كبيرا، وقد يؤدي انخفاض سعر الدولار إلى زيادة القوة الشرائية في بقية دول العالم للسلع المسعرة به، كالنحاس، ما يعزز الطلب الإجمالي، ويدعم الأسعار.