رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب: التدقيق الداخلي يساعد البنوك على تحقيق أهدافها
قال الدكتور جوزف طربيه رئيس مجلس إدارة إتحاد الدولي للمصرفيين العرب، يعقد الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب اليوم هذا المنتدى، في ظلّ تزايد الأخطار الاقتصادية على معظم بلداننا العربية، وخفض التصنيف الائتماني الذي يلحق مصارف عربية كبرى، وتقديراً لأهمية وظيفة التدقيق الداخلي في المصارف، وفي ظلّ تعقّد وتشعّب العمليات المصرفية والمالية، وتزايد مخاطر الجرائم المالية، وبينها عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وأضاف "طربيه"، أنه مع تزايد مخاطر الأمن السيبراني في المصارف، يستدعي ذلك زيادة الاهتمام بدور التدقيق الداخلي لمساعدة المصارف على تحقيق أهدافها عبر تعزيز عمليات تقييم وتحسين أنظمة وعمليات إدارة المخاطر والرقابة والحوكمة والإمتثال.
وجاء ذلك خلال منتدي "آفاق ومستقبل التدقيق الداخلي في القطاع المصرفي" حيث أعرب عن سعادته باستضافة هذا الملتقى في مصر رغم الظروف الدولية والإقليمية الصعبة، وشكر رئيس وأعضاء اتحاد بنوك مصر على تعاونهم لعقد هذا الملتقى وكذلك شبكة (PWC) "برايس ووتر هاوس كوبرز"، وهي شبكة خدمات مهنية متعدّدة الجنسيات ومقرها في لندن – لتقديم كل إمكاناتها وخبراتها لإنجاح فعاليات هذا الملتقى.
وذكر خلال كلمته ان اليوم 22 نوفمبر يصادف ذكرى استقلال لبنان البلد الذي عانى من أزمات منذ استقلاله على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وكذلك ذكر أن اندلاع الأزمة الاقتصادية والمالية المصرفية في لبنان منذ خريف 2019، حيث كان القطاع المصرفي اللبناني قبل هذا التاريخ قطاع مستقر ومتين ويلعب دورًا محوريًا في تحريك عجلة نمو الاقتصاد الوطني، من خلال مساهمته في نمو الناتج المحلي الإجمالي ودعم قطاعات الإقتصادية المختلفة.
وتابع، لا يزال لبنان يواجه أزمة إقتصادية ومالية ونقدية غير مسبوقة منذ نهاية عام 2019، حيث أدّت تلك الأزمة مترافقة مع إنتشار جائحة كورونا، وإنفجار مرفأ بيروت عام 2020، إلى إنكماش حاد في الاقتصاد اللبناني، حيث إنخفض الناتج الوطني من نحو 54.9 مليار دولار بنهاية عام 2018 إلى 21.8 مليار دولار بنهاية عام 2022.
وأضاف "طربيه" أما على صعيد القطاع المصرفي اللبناني الذي يعاني من ذيول توقف دولة لبنان عن تسديد ديونها السيادية، وانكشاف القطاع المصرفي على هذه الديون، فلم تنجح المعالجات التي طرحها صندوق النقد الدولي، إذ وقّعت الحكومة اللبنانية إتفاقاً على مستوى الموظفين مع الصندوق، إلاّ أنّ هذا الاتفاق لم يقترن بالتنفيذ إلا بصورة محدودة، وهو قد طلب الغاء السرية المصرفية، وطلب تشريع قانون الكابيتال كونترول، وتوحيد سعر الصرف، وضبط عجز الموازنة العامة وشطب الودائع وإعادة هيكلة المصارف وتصفير رساميلها، وهذه الخطة التي يتطلب إعتمادها صدور قوانين بها، لم يوافق المجلس النيابي اللبناني على القبول بمعظم مندرجاتها.
وأشار إلى أن إتحاد المصارف العربية سارع إلى عقد مؤتمر في بيروت عرض خلاله خطة بديلة، تضمّنت النقاط التالية: (حماية الودائع، وتحرير سعر الصرف، والإصلاح المالي، وإصلاح المصارف، وخصخصة المؤسسات العامة وتحسين حوكمة القطاع العام).
كما استعرض إتحاد المصارف العربية في مؤتمر بيروت، تجارب دول عربية آخرى تربطها اتفاقات مع صندوق النقد الدولي، مفنداً شؤون وشجون هذه الاتفاقات، ونتائجها على صعيد البلدان المعنية، وقد لاقى هذا الموضوع اهتماماً كبيراً على الصعيد اللبناني والعربي والدولي كذلك، وترك تأثيراً، خاصة على مستوى أصحاب القرار في لبنان، لتصحيح بعض الانحرافات التي فرضها الصندوق، وخاصة على صعيد شطب الودائع.
وقال "طربيه"، إن في عالم المال والأعمال الحديث وديناميكيته، وتحفزه الدائم للتغيير والتطوير، يقف قطاعنا المصرفي العربي عند مفترق طرق بين التقليد والإبتكار، وهنا تكمن أهمية هذا الملتقى، ليشكّل خارطة طريق للمختصين في هذا المجال، حيث تشهد ممارسات التدقيق الداخلي تحوّلاً جوهرياً، حيث كانت تقتصر في الماضي على كشف المخالفات والتحقيق فيها، أما اليوم فقد تحوّلت عملية التدقيق إلى نشاط مستقل وإستشاري، يهدف إلى تعزيز الكفاءة التشغيلية، من خلال نهج منظّم يركّز على إدارة المخاطر والحوكمة، مما يعكس تحوّلاً في طبيعة هذا النشاط والغايات التي يسعى إلى تحقيقها.
وذكر أن الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب، يدرك تماماً أهميّة نشاط التدقيق الداخلي في ظلّ المتغيّرات الاقتصادية والتكنولوجية المتسارعة في البيئة المصرفية، وإزدياد الإعتماد عليه من قبل مجالس إدارة المؤسسات والأجهزة الرقابية والبنوك المركزية لتعزيز السلامة الشاملة في مؤسساتها، لذلك نركّز في هذا الملتقى، كما في ملتقياتنا السابقة على تطوير الممارسات المهنية المتعلّقة بإدارة المخاطر والحوكمة من خلال نهج منظّم، والإضاءة على التطوّرات التكنولوجية بهدف تعزيز الفهم المتقدّم للأساليب الحديثة المتعلقة بالتدقيق الداخلي والرقابة الداخلية، والتأكيد على دورهما في الحفاظ على الشفافية والإمتثال للقوانين والمعايير الدولية.
وتابع، كما تعلمون، فإنّ نشاطات التدقيق الداخلي تتضمّن فحص وتقييم مفاعيل إطار الضبط الداخلي للمصرف ككل، بما في ذلك المسؤولية والمساءلة ضمن المصرف، والعمليات الملائمة لمتابعة نتائج أعمال التدقيق وتوصياتها، حيث يتوجب على وظيفة التدقيق أن تقيّم كفاءة وفاعلية ونزاهة العمليات، وموثوقية وفاعلية نظم إدارة المعلومات، والإشراف على الإمتثال للقوانين والأنظمة والقواعد الدولية والمحلية، بما في ذلك متطلبات الجهات الرقابية والإشرافية الدولية والمحلية ومساعدة الإدارة العليا ومجلس الإدارة على حماية مؤسستهم وسمعتها، والحفاظ على العلاقات مع المصارف المراسلة والجهات الرقابية التي تشرف عليها وتعززها.
وأضاف، لذلك يأتي مؤتمرنا اليوم حول موضوع "آفاق ومستقبل التدقيق الداخلي في القطاع المصرفي" وتبادل التجارب وطرح حلول للتحديات التي تواجهنا جميعاً، تأكيداً على التزامنا المستمر بأطر الامتثال وقواعده، وتفادياً للأخطار والأضرار التي تنعكس على نشاطات المصارف في كافة انحاء العالم.
وختم كلمته أنه آمل أن تُفضي الاجتماعات إلى توصيات ومقترحات من شأنها تطوير وظيفة التدقيق الداخلي ضمن المؤسسات المصرفية والعمل على تحديث دليل التقييم الإشرافي لهذه الوظيفة، وكذلك دعم الحوار المصرفي في عالمنا المتشابك، الذي نحن مؤتمنون على تسليمه الى الاجيال القادمة، أننا نعتبر أنه من واجبنا، لا بل من مصلحتنا، ان نوطد شراكتنا ونوحّد رؤيتنا بهدف حماية اقتصاداتنا ومؤسساتنا عن طريق تعزيز الشفافية، والمساءلة والتنظيم السليم، وتعزيز النزاهة في الاسواق المالية، وتعزيز التعاون الدولي، وهذه عناصر لتطوير الصناعة المصرفية اليوم، واستخلاص التوصيات لمستقبل افضل للصناعة المصرفية.