QNB: تغيرات كبيرة متوقعة في الأجندة الاقتصادية الأمريكية في حال فوز ترامب
توقع بنك قطر الوطني QNB أن يدخل فوز ترامب بـ "رئاسة ثانية" تغيرات كبيرة في الأجندة الاقتصادية الأمريكية، وخاصة في مجالات المالية والتجارة والهجرة.
وأوضح التقرير الأسبوعي لـ "بنك قطر الوطني QNB" أنه في المجمل، ينبغي أن تكون لأجندته المقترحة تأثيرات متباينة على النمو، حيث يتعين أن تعزز السياسات المالية النشاط الاقتصادي، في حين أن تدابير الحمائية التجارية والإجراءات الأكثر صرامة في التعامل مع المهاجرين من شأنها أن تؤثر سلبا على نمو الناتج المحلي الإجمالي.
ولفت التقرير إلى أهمية الانتخابات الأمريكية لا فقط على مستوى الداخلي الأمريكي فحسب، بل يتردد صداها في جميع أنحاء العالم نظرا لقوة الولايات المتحدة الأمريكية وثروتها ونفوذها. فبناتج محلي إجمالي اسمي يبلغ 28.8 تريليون دولار أمريكي، وهو ما يفوق بكثير أي اقتصاد رئيسي آخر، وصافي ثروات أسر يزيد عن 150 تريليون دولار أمريكي، تعتبر الولايات المتحدة في صميم التحركات العالمية للمعلومات ورؤوس الأموال والسلع والخدمات. ولا توجد أي دولة أخرى تلعب دورا مماثلا في تحديد اتجاه الاقتصاد العالمي.
وأكد التقرير ضرورة فهم تداعيات الانتخابات الأميركية على الاقتصاد العالمي، خاصة لأن كلا المرشحين الرئيسيين "دونالد ترامب وكامالا هاريس" يتبنى أجندات اقتصادية مختلفة.
وتناول التقرير بالدرس ثلاث نقاط رئيسية فيما يتعلق بأجندة ترامب الاقتصادية. أولها أنه، في حال انتخابه، فإن ترامب يميل إلى أن يكون جريئا فيما يتعلق بالتحفيز المالي. في الواقع، خلال فترة رئاسته، أدت التخفيضات الضريبية وزيادة الإنفاق إلى ارتفاع العجز الحكومي من مستوى دون المتوسط يبلغ 3.6% من الناتج المحلي الإجمالي الممكن إلى 6% في عام 2019، قبل أن تفرض الجائحة عجزا أوسع نطاقا.
ويقترح ترامب حاليا خفض الضرائب على الشركات من 21% إلى 15%. كما تجدر الإشارة إلى أنه في حال فوز ترامب بالرئاسة، فإنه من المرجح أن يتم تمديد تخفيضات ضريبة الدخل الفردي التي كان قد وافق عليها في عام 2017، والتي من المقرر أن تنتهي في نهاية عام 2025. ومن المتوقع أن تكلف هذه الإجراءات المالية مجتمعة ما بين 3 تريليون إلى 4 تريليون دولار أمريكي من الإيرادات، مما يزيد من اتساع العجز الحالي الكبير.
لكن هذا الأمر من شأنه أن يوفر دفعة للاقتصاد، ويحفز الاستثمارات والاستهلاك. ومن المفترض أن يدعم أيضا عوائد سندات الخزانة الأمريكية طويلة الأجل وتطبيع منحنى العائد، حيث يمكن للعجز الأوسع والمستويات الأعلى من الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي أن تخيف بعض المستثمرين في أدوات الدخل الثابت وتتطلب علاوات أعلى للمدة.
النقطة الثانية التي حللها التقرير تعلقت بإمكانية إعادة ترامب إطلاق أجندته الحمائية، فهو يدافع عن فرض رسوم جمركية أعلى لا تقل عن 10% على الواردات من بقية دول العالم و60% على الصين على وجه الخصوص.
وقال التقرير إذا تم تنفيذ مثل هذه التدابير بالكامل من قبل إدارة ترامب في حال انتخابه، ولم يتم استخدامها فقط كوسيلة ضغط في مفاوضات التجارة والاستثمار، من المرجح أن تؤدي إلى صدمة كبيرة في التدفقات التجارية والاستثمارية، حيث يتوقع أن تقوم بلدان أخرى بفرض تدابير انتقامية، وهو ما قد يؤدي إلى دوامة من التخفيضات التنافسية لقيمة العملات وزيادة التعريفات الجمركية وفقا لسياسة "إفقار الجار".
ولفت التقرير إلى أن الأهم من ذلك أن الرسوم الجمركية الأعلى لن تولد إيرادات كافية لتغطية تكلفة التخفيضات الضريبية، إذ يقدر أن تولد زيادة الرسوم الجمركية إيرادات إضافية بنحو 1.5 تريليون دولار، أي أقل من نصف التكلفة المقدرة للتخفيضات الضريبية المقترحة.
ومن حيث التأثيرات عالية المستوى، فإن زيادة الرسوم الجمركية ستؤثر سلبا على إجمالي الدخل الحقيقي في بقية العالم وفي الولايات المتحدة، لأنها ستؤدي إلى ارتفاع تكاليف السلع النهائية والخدمات. لكنها من المحتمل أن تدعم الاستثمارات والتصنيع المحلي، حيث سيتعين إعادة تخصيص سلاسل التوريد، واستحداث شروط مراجحة جديدة لصالح المنتجين المحليين.
ولدى تناوله النقطة الثالثة أشار التقرير إلى موقف ترامب تجاه الهجرة أيضا قد يؤدي إلى تداعيات كبيرة على التركيبة السكانية وأسواق العمل في البلاد، في حال عودته إلى البيت الأبيض، فهو يقترح الترحيل الجماعي لنحو 15 إلى 20 مليون مهاجر غير شرعي، فضلا عن تقييد تدفق المهاجرين الشرعيين الذين يحملون تأشيرات دخول.
وبين التقرير خطورة هذا الأمر ، حتى بالنسبة لبلد يفوق تعداد سكانه 335 مليون نسمة ويبلغ فيه عدد القوة العاملة 162 مليون عامل. ومن غير المتوقع أن يتم سن هذا القانون بهذا النطاق إذا تم انتخاب ترامب، فإن تطبيق برنامج ترحيل أصغر حجما من شأنه أن يساهم أيضا في تضييق سوق العمل، وخاصة في فئة العمالة منخفضة الأجر التي تعمل بنظام الساعة.
وعلى المدى المتوسط، قد يؤدي ذلك إلى زيادة متوسط نمو الأجور، مما يخلق ضغوطا تضخمية إضافية. ومن شأن التركيبة الديموغرافية غير المواتية أن تؤثر سلبا على النمو.