قاموس «First»..«اقتصاد الظل» الوجه غير المرئي للنظام الاقتصادي العالمي
First Bank

يُعد اقتصاد الظل من الظواهر الاقتصادية التي تلعب دورًا مزدوجًا في المجتمعات، حيث يساهم في توفير فرص عمل غير رسمية للكثيرين، لكنه في الوقت نفسه يُشكل تحديًا كبيرًا أمام الحكومات بسبب تأثيره على الإيرادات الضريبية والاستقرار الاقتصادي
ويشمل هذا النوع من الاقتصاد جميع الأنشطة التي تتم خارج الإطار القانوني، سواء كانت مشروعة مثل التجارة غير المسجلة، أو غير مشروعة مثل التهريب وغسيل الأموال.
ويعود انتشار اقتصاد الظل إلى عدة عوامل، أبرزها التعقيدات البيروقراطية والضرائب المرتفعة التي تدفع بعض الأفراد والشركات إلى العمل خارج النظام الرسمي لتجنب الأعباء المالية والإدارية.
كما يلعب نقص فرص العمل دورًا رئيسيًا في اقتصاد الظل، حيث يلجأ العديد من الأفراد إلى العمل في وظائف غير مسجلة لضمان مصدر دخل، خاصة في الدول التي تعاني من بطالة مرتفعة وضعف في الحماية الاجتماعية.
وتتعدد أشكال اقتصاد الظل حيث يشمل العمالة غير الرسمية التي تعمل دون عقود أو ضمانات اجتماعية، والتجارة العشوائية مثل الأسواق غير المرخصة، والخدمات غير القانونية كغسيل الأموال والتهرب الضريبي.
ومع تطور التكنولوجيا وتعزيز التحول الرقمي في العالم، ظهر نوع جديد من اقتصاد الظل يتمثل في المعاملات الإلكترونية غير المنظمة، مثل بعض أشكال التجارة عبر الإنترنت التي لا تخضع للرقابة الحكومية.
ويترتب على انتشار اقتصاد الظل آثار اقتصادية واجتماعية معقدة، فمن الناحية السلبية، يؤدي إلى تراجع الإيرادات الضريبية للدولة، مما يقلل من قدرة الحكومات على تمويل الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية.
كما يساهم في عدم استقرار سوق العمل، حيث يعمل الأفراد دون حقوق قانونية أو تأمينات اجتماعية، مما يعرضهم لمخاطر كبيرة مثل الفصل التعسفي وعدم الحصول على تعويضات مناسبة.
ورغم سلبياته، فإن لاقتصاد الظل بعض الفوائد، حيث يُساهم في توفير فرص عمل للأفراد الذين لا يجدون وظائف رسمية، كما يساعد بعض المشروعات الصغيرة على النمو دون الحاجة إلى إجراءات قانونية معقدة، مما يخلق حركة اقتصادية غير رسمية لكنها نشطة، وخاصة في الدول النامية.
وتسعى الحكومات إلى الحد من اقتصاد الظل من خلال سياسات إصلاحية، مثل تخفيف الأعباء الضريبية وتبسيط إجراءات تسجيل الأعمال، إضافة إلى تعزيز الرقابة وتقديم حوافز للشركات للانتقال إلى القطاع الرسمي، كما تلعب التكنولوجيا دورًا مهمًا في مواجهة اقتصاد الظل، من خلال تعزيز نظم الدفع الإلكتروني وتقليل الاعتماد على التعاملات النقدية التي تسهل النشاط غير الرسمي.
وفي النهاية، يظل اقتصاد الظل ظاهرة لا يمكن تجاهلها، حيث يشكل جزءًا كبيرًا من النشاط الاقتصادي في العديد من الدول، مما يجعل من الضروري إيجاد حلول متوازنة تضمن دمج العاملين فيه في الاقتصاد الرسمي دون التأثير السلبي على معيشتهم أو استقرار الأسواق.