مجموعة QNB: توقعات بتعافي التجارة العالمية خلال الأشهر المقبلة
كشفت مجموعة QNB في تحليلها الاسبوعي، أن التجارة الدولية هي مؤشر رئيسي لديناميكية الاقتصاد العالمي، وتعكس بيانات التجارة قوة الأوضاع الاقتصادية في مختلف البلدان، وهناك عدد قليل من المؤشرات الأخرى التي يمكن أن تقوم بذلك.
وأوضح التحليل، أن التجارة تكشف عن طلب المستهلكين للسلع النهائية، فضلاً عن حاجة الشركات إلى السلع الوسيطة والرأسمالية وقدرات إنتاجها وبالتالي، تتقلب أحجام التجارة وفقاً للدورات العالمية للتوسع والانكماش الاقتصادي، ولذلك فهي تعتبر مقياساً للأوضاع الكلية.
وأضاف التحليل، أن أحدث إصدارات البيانات تظهر أن أحجام التجارة قد استقرت، وفقاً لمكتب التخطيط المركزي الهولندي لتحليل السياسات الاقتصادية (CPB NEPA)، ظلت أحجام التجارة العالمية دون تغيير على نطاق واسع منذ نهاية العام الماضي، بعد انخفاضها من الذروة المسجلة في سبتمبر 2022، وهذا يعكس المرونة الاقتصادية أمام الرياح المعاكسة الكبيرة، كما ناقشنا في تقرير سابق.
وأكد التحليل، أن هذه الإحصائيات توفر صورة متأخرة لديناميكية التجارة، بدلاً من تقديم نظرة مستقبلية، وتصدر بيانات مكتب التخطيط المركزي الهولندي لتحليل السياسات الاقتصادية، على سبيل المثال، بتأخر مدته 3 أشهر، وبالتالي فهي تعتبر ذات قيمة محدودة في تشكيل رؤية للاتجاهات المستقبلية، ولذلك، قد يكون من الأجدى الاستفادة من المؤشرات الاستشرافية أو الرائدة التي تساعد في توقع الاتجاهات القادمة.
ويوضح التحليل، أن المؤشرات الرئيسية تشير إلى أن التجارة العالمية ربما تكون قد وصلت إلى أدنى مستويات الركود وأنها مهيأة لبدء مرحلة من التعافي. في هذه المقالة، نناقش ثلاثة عوامل رئيسية تدعم وجهة نظرنا.
أولاً، من المرجح أن توفر تحركات العملات الأجنبية الدعم للتجارة الدولية. تاريخياً، تميل التجارة العالمية إلى الارتباط عكسياً بالدولار الأمريكي.
وأضاف التحليل، أنه مع ضعف الدولار، تتوسع التجارة العالمية على خلفية تدني سعر الواردات خارج الولايات المتحدة. وهذا يرجع إلى حقيقة أن أكثر من 50% من جميع المعاملات التجارية مقومة بالدولار الأمريكي.
ويأتي ذلك لانخفاض الدولار الأمريكي بنسبة 10% منذ ذروته في سبتمبر 2022 مقابل سلة من العملات الرئيسية، ينبغي أن تكون التجارة العالمية مدعومة بنمو الواردات في دول أخرى غير الولايات المتحدة.
وأكد التحليل، أنه يمكن تعزيز هذه الديناميكيات بشكل أكبر من خلال حدوث انخفاض إضافي في قيمة الدولار الأمريكي، إذا أوقف بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي دورة التشديد النقدي الخاصة به قبل البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا.
ثانياً، من المحتمل أن تصل دورة التصنيع العالمية إلى أدنى مستوياتها في الاقتصادات المتقدمة الرئيسية. عادةً، تستمر دورة التصنيع في الولايات المتحدة لمدة 3 سنوات، مقسمة بالتساوي إلى 18 شهراً من الانكماش و18 شهراً من التوسع.
وأوضح التحليل، أنه وفقاً لاستطلاع معهد إدارة التوريد الذي يرصد النشاط في قطاع التصنيع، بدأ الاتجاه الهبوطي الحالي في منتصف عام 2021، ومنذ ذلك الحين، استقر النشاط الصناعي بالفعل.
وفي منطقة اليورو، اتبع التصنيع ديناميكيات مشابهة لتلك السائدة في الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن يتعافى في النصف الثاني من العام على خلفية تحسن الدخل الحقيقي، وتراجع أزمة الطاقة وانخفاض أسعار الغاز الطبيعي، والحاجة إلى تعزيز مستويات المخزون بعد مرحلة تراجعه التي أثرت سلباً على النشاط.
ومن المتوقع أن تتلقى التجارة العالمية دفعة إضافية، حيث يبدو أن التصنيع قد وصل إلى أدنى مستوياته في الاقتصادين المتقدمين الرئيسيين.
ثالثاً، تشير توقعات المستثمرين الذين يستشرفون المستقبل إلى تفاؤل متجدد وتحسن في آفاق التجارة الدولية. مؤشر داو جونز للنقل هو من المؤشرات المفيدة التي تدمج هذه التوقعات في أسواق الأسهم، وهو عبارة عن مؤشر للأسهم يضم شركات الطيران والنقل بالشاحنات والنقل البحري والسكك الحديدية وشركات التوصيل.
ويميل أداء هذا المؤشر إلى توقع الصادرات العالمية خلال فترة لا تقل عن 3 أشهر. منذ أن بلغ أدنى مستوى له في شهر أبريل من العام الجاري، تعافى هذا المؤشر بنسبة 14%، مما يشير إلى أن التجارة العالمية من المفترض أن تعود إلى حالة التوسع في النصف الثاني من عام 2023.
ويبدو أن أحجام التجارة العالمية قد وصلت إلى أدنى مستوياتها، وتشير المؤشرات الرئيسية إلى أنها تدخل حالياً في مرحلة من التعافي. وتعتبر التجارة مؤشراً جيداً لأوضاع الاقتصاد الكلي ومقياساً آخر لمرونة الاقتصاد العالمي.