مؤسسات عملاقة: كابيتال وان.. من شركة بطاقات إلى عملاق مصرفي أمريكي رقمي يقوده الذكاء الاصطناعي
تُعد مجموعة كابيتال وان واحدة من أبرز المؤسسات المصرفية الأمريكية التي شهدت تحولًا جذريًا في نموذج أعمالها، من التركيز على بطاقات الائتمان إلى تقديم باقة متكاملة من الخدمات المصرفية الرقمية.
وتأسست المجموعة عام 1994 في ولاية فيرجينيا، ونجحت خلال سنوات قليلة في فرض حضور قوي بسوق التجزئة المصرفية الأمريكية، مستندة إلى نموذج تمويل دقيق يعتمد على تحليلات البيانات وأدوات الذكاء الاصطناعي حتى قبل أن تصبح شائعة في القطاع المصرفي.
بدأت كابيتال وان نشاطها كشركة تركز بالأساس على بطاقات الائتمان، واستفادت من التوسع الاقتصادي الأمريكي في التسعينيات لزيادة حصتها السوقية، حيث اعتمدت على تحليل المخاطر الائتمانية بدقة عالية لتقديم عروض مخصصة للعملاء، ومع مطلع الألفية الجديدة، تطورت الشركة لتتحول إلى مجموعة مالية شاملة، تقدم خدمات الإقراض الشخصي، التمويل العقاري، الحسابات الجارية والتوفير، إلى جانب خدمات إدارة الثروات.
رغم أن عمليات كابيتال وان تتركز أساسًا داخل الولايات المتحدة، إلا أنها نفذت عددًا من التوسعات الخارجية المحدودة، وشهدت قفزة نوعية في حجم أصولها بعد استحواذها على عدة شركات مالية في العقدين الماضيين، أبرزها اندماجها مع ING Direct USA عام 2012، والذي ساعدها في تعزيز حضورها الرقمي والانتقال نحو نموذج مصرفي حديث يعتمد على التكنولوجيا كعنصر أساسي في تقديم الخدمة.
وتُعد كابيتال وان اليوم من أكبر 10 بنوك في الولايات المتحدة من حيث حجم الأصول، وتركز على الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات الضخمة في تصميم منتجاتها، مع تقديم تجربة مصرفية متميزة تعتمد على تطبيقات الهاتف الذكي والتفاعلات الرقمية.
من أبرز ما يميز كابيتال وان هو توجهها الجريء نحو التحول الرقمي، إذ أعلنت في عام 2020 أنها أصبحت أول بنك أمريكي كبير ينقل بنيته التحتية بالكامل إلى الحوسبة السحابية (Cloud)، بالتعاون مع منصة Amazon Web Services – AWS ويُعد ذلك إنجازًا استراتيجيًا مكّن البنك من تقليل التكاليف التشغيلية، وزيادة المرونة الأمنية، وتسريع إطلاق الخدمات الرقمية.
كما اعتمد البنك أنظمة أمان متقدمة تعتمد على التعلم الآلي للكشف عن عمليات الاحتيال، وأطلق روبوتات دردشة مصرفية مدعومة بالذكاء الاصطناعي لخدمة العملاء على مدار الساعة، ما عزز من قدرته على تقديم خدمة سلسة وآمنة.
لم تغفل كابيتال وان البعد البيئي والاجتماعي، حيث وضعت استراتيجية واضحة للاستدامة ترتكز على ثلاث محاور: البيئة، التنوع والاندماج، والتمويل المسؤول.
فقد التزمت المؤسسة بخفض انبعاثاتها الكربونية بنسبة كبيرة بحلول عام 2030، كما أعلنت في تقاريرها غير المالية أنها أصبحت تُشغِّل مقارها الرئيسية باستخدام طاقة متجددة بنسبة 100%.
على الجانب الاجتماعي، تنفذ المجموعة برامج موسعة لدعم المجتمعات المحلية، وتمول مشروعات صغيرة ومتوسطة في المناطق الأقل دخلًا، إلى جانب تقديم منح تعليمية وفرص تدريب مهني ضمن إطارها للمسؤولية المجتمعية.
أثبتت كابيتال وان مرونة عالية في مواجهة الأزمات، لاسيما خلال جائحة كوفيد-19، إذ بادرت إلى توفير تسهيلات للعملاء المتعثرين، وأطلقت برامج دعم رقمي للعائلات والمشروعات الصغيرة.
كما حافظت على استمرارية خدماتها المصرفية دون انقطاع بفضل بنيتها التكنولوجية المتقدمة، ما عزز من ولاء العملاء وثقة السوق في أدائها.
